وقال لهم: القاتل مقتول.
وقال لهم: السلام يبدأ من القلب ، والشر أيضا يبدأ من القلب، وكذا الحب والكراهية. أما الموت فهو صناعة تنشئها لنفسك عندما تنشئها للآخرين، فلا تخفكم آلة الموت، فإنها معدة لصانعها، ولا تخشوا رسل الظلام، فإنهم يمضون إلى قبورهم ذاتها، والطريق إلى ابن الإنسان تمهده الحملان والذئاب معا.
وقال لهم: كل له دوره، وسيقوم به على أكمل وجه، حتى إن لم يشأ ذلك.
وقال لهم: الحرب الآن انتهت، وقبل إسدال الستار على الذين كانوا يمثلون ضحايا أن يستيقظوا من موتهم وعاهاتهم وآهاتهم ويحيوا الجمهور، والذين كانوا يقومون بدور المنتهكين والأشرار أن ينتزعوا أقنعتهم المرعبة، وينحنوا في إجلال، ويبتسموا. لقد انتهت المسرحية الآن، وعلى الجميع أن يعودوا ليمارسوا أدوارهم الخيرة في الحياة كما كانوا ...
وقال لهم: الموكب الموكب.
وهو يعني المهرجان. لقد ذكره لاحقا بالاسم، وطلب منهم أن يستعدوا له، يفعل ذلك مرارا وتكرارا: سيسلمنا الطريق إلى الجمال، قال لنا.
مريم الحبيبة
مريم موسى، التي أطلق عليها القائد شارون لقب مريم المجدلية، وفيما بعد أسماها عيسى ود مريم: بمريم الحبيبة، حضرت الحرب الشعواء التي دارت بين قوات شارون وقوات الحكومة، حيث إن الحكومة نفذت هجوما على ما يسميه شارون وجنده المدينة، استخدمت فيه الطيران والمشاة، واعتصم شارون بحصنه المتين محميا بالسلسلة الجبلية وبعض الخنادق في المنطقة المفتوحة ولواء الألغام البشرية والثقيلة المشركة جيدا، كما أن الجميع قاموا بلبس الواقي الكيميائي؛ اتقاء مفاعيل الغاز المسبب للإسهالات والإغماء طويل الأجل، وهو سلاح شديد الأثر في المواقع المغلقة ذات التهوية الردئية، مثل الموقع الذي يتحصنون فيه المحاط بالجبال، ويبدو كوعاء صخري ضخم. بل استطاع صائدو الطيران أن يسقطوا مروحية أبابيل ومقاتلة ميج صغيرة، وهذا كان كافيا أن توقف الحكومة الهجوم الجوي، واكتفت بحرب برية لم يتحقق لها فيها الانتصار، وقد قام شارون بأسر عشرة من الجنود من مقدمة الهجوم الحكومي، قبل أن تنسحب القوات الحكومية متجهة نحو زالنجي، وشارون كعادته لا يطارد المنسحبين بجيشه، ولكنه يمطرهم بقذائف الدوشكا إلى أن يختفوا من الأنظار، وقد يصيبهم بخسائر كثيرة بذلك.
عرفت مريم الحبيبة من الأسرى أن رجلا يدعي أنه المسيح ابن مريم قد ظهر في نواحي جبل أم كردوس شرقي نيالا، وأن بعض الرجال قد تبعوه، من يومها أخذت مريم تعد العدة للالتحاق به، وقد أخبرت شارون بذلك، ولو أنه كان يظن أن مسألة هذا المسيح لا تعدو أن تكون تكرارا للنبي عيسى بنيالا في 1921، أو الدعوات العيسوية الكثيرة في وسط السودان وغرب أفريقيا، وقال لها: قد لا يكون أكثر من درويش مهدوي جاء متأخرا، أحد المحبطين الذين تفرقت بهم السبل، فأخذوا يطرقون أبواب الحلول الطوباوية والخرافات. أما عن نفسه فهو لا يؤمن بنبي بعد الرسول محمد
صلى الله عليه وسلم ، ولا يظن أن الناس في حاجة لنبي: إنهم يحتاجون لسلاح يقاومون به الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، ويحفظون به ما تبقى من نسلهم من الانقراض، وضحك ضحكته الرهيبة.
Bog aan la aqoon