ويزيد ذلك وضوحا أن الإمام عليه السلام بعدما توضأ ومسح قدميه بحضور الأخوين وشاهدا كيفية مسحه سألاه أين الكعبان وسؤالهما بعد مشاهدة مسحه عليه السلام يدل على أنه عليه السلام لما تجاوز قبة القدم التي هي أحد المعاني الأربعة للكعب بحسب اللغة وبلغ بالمسح المفصل أراد أن يعلما أن الكعب في الآية الكريمة هل المراد به نفس المفصل أو العظم الواقع في المفصل إذ كل منهما يسمى كعبا بحسب اللغة وقد انتهى مسحه عليه السلام إليهما معا فسألاه أين الكعبان ولو انتهى مسحه عليه السلام بقبة القدم لعلما ذلك بمجرد ذلك أنها هي الكعب المأمور بانتهاء المسح إليه في الآية الكريمة ولم يحسن سؤالهما بعد ذلك أين الكعبان لظهور أن عدم تجاوزها في مقام بيان وضوء النبي صلى الله عليه وآله نص على أنها هو وأيضا إشارته عليه السلام إلى مكان كعب بقول هيهنا يشعر بأن الكعب واقع في المفصل وإلا لقال هو هذا ولم يأت بلفظة هيهنا المختصة بالإشارة إلى المكان وكذا قولهما بعد ذلك هذا ما هو وإجابته عليه السلام بأن هذا عظم الساق يشعر بأن إشارته كانت إلى شئ متصل بعظم الساق وملاصق له كما لا يخفى ومن تأمل هذين الحديثين ظهر عليه شدة اهتمام زرارة وأخيه في التفتيش عن حقيقة الكعب والتعبير عنه وبما تلوناه عليك يظهر أن ما يقال من أن المشار إليه في قوله عليه السلام هاهنا لعله إنما كان قبة القدم فاشتبه ذلك على الأخوين فظنا أنه عليه السلام أشار إلى المفصل خيال ضعيف وأيضا فالالتفات إلى أمثال هذه الاحتمالات وتجويز أمثال هذه الاشتباهات على الرواة في أخبارهم عن المشاهدات وسيما هذين الراويين الجليلين يؤدي إلى عدم الاعتماد على أخبارهم بالمسموعات فيرتفع الوثوق بالروايات وبما قررناه يظهر أن استدلال العلامة في المنتهى والمختلف بحديث الأخوين استدلال في غاية المتانة وأما تشنيعات المتأخرين عليه فالجواب عن الأول أنه إن تحقق إجماع أصحابنا رضي الله عنهم فإنما تحقق على أن الكعب عظم في ظهر القدم لا عن جانبيه كما يقوله العامة واقع عند معقد الشراك و العلامة يقول به وانعقاد الإجماع على ما ينافي كلامه غير معلوم وعن الثاني أنه لا خبر في هذا الباب أصرح من خبر الأخوين وهو إنما ينطبق على كلامه طاب ثراه كما عرفت وأما الأخبار الدالة على أن الكعب في ظهر القدم كما رواه الشيخ في الحسن عن ميسر عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال الوضوء واحدة واحدة ووصف الكعب في ظهر القدم فلا يخالف كلامه إذ الكعب عنده واقع في ظهر القدم غير خارج عنه إذ القدم ما تحت الساق من الرجل ولا يخفى على من له أنس بلسان القوم أن ما تضمنه هدا الحديث من قول ميسر أن الباقر عليه السلام وصف الكعب في ظهر القدم يعطي أنه عليه السلام ذكر للكعب أوصافا ليعرفه بها السائل ولو كان الكعب هذا المرتفع المحسوس المشاهد لم يحتج إلى الوصف بل كان يكفي أن يقول هو هذا وعن الثالث بأن صاحب القاموس وغيره صرحوا بأن المفصل يسمى كعبا كما مر وعن الرابع أن صراحة كلام الأصحاب في خلاف كلام العلامة ممنوعة بل بعضها كعبارة ابن الجنيد صريحة في الانطباق عليه كما عرفت وبعضها كعبارة السيد المرتضى وأبي الصلاح وابن إدريس والمحقق ليست آبية عن التنزيل عليه عند التأمل نعم عبارة المفيد صريحة في خلافه كما مر وإيراده لها في المختلف ليس لتأييد ما ذهب إليه كما قد يظن بل لبيان سبب وقوع الاشتباه على الناظر في عباراتهم فلا يرد عليه أنه استشهد بما يخالف مدعاه
Bogga 285