Mashriq Shamsayn
مشرق الشمسين
Noocyada
فصل فاتحة الشئ أول أجزائه كما أن خاتمته آخرها فهي في الأصل أما مصدر بمعنى الفتح كالكاذبة بمعنى الكذب أو صفة والتاء فيها للنقل من الوصفية إلى الإسمية كالذبيحة وقد تجعل للمبالغة كعلامة ثم إن اعتبرت أجزاء الكتاب سور فالأولوية هنا حقيقية وإن اعتبرت آيات أو كلمات مثلا فمجازية تسمية للكل باسم الجزء وإضافة السورة إلى الفاتحة من إضافة العام إلى الخاص كبلدة بغداد وإضافة الفاتحة إلى الكتاب من إضافة الجزء إلى الكل كرأس زيد فهما لاميتان وربما جعلت الثانية بمعنى من التبعيضية تارة والبيانية أخرى والأول وإن كان خلاف المشهور بين جمهور النحاة إلا أنه لا يحوج إلى حمل الكتاب على غير المعنى الشايع المتبادر والثاني بالعكس ثم تسمية هذه السورة بهذا الاسم أما لكونها أول السور نزولا كما عليه جمع غفير من المفسرين وأما لما نقل من كونها مفتتح الكتاب المثبت في اللوح المحفوظ أو مفتتح القرآن المنزل جملة واحدة إلى سماء الدنيا أو لتصدير المصاحف بها على ما استقر عليه ترتيب السور القرآنية وإن كان بخلاف الترتيب النزولي أو لافتتاح ما يقرء في الصلاة من القرآن فهذه وجوه خمسة لتسميتها بفاتحة الكتاب وربما يخدش الرابع منها بتقدم تلك التسمية على هذا الترتيب لوقوعها في الحديث النبوي ووقوعه بعد عصر الرسالة والخامس بأن المراد بالكتاب هنا الكل لا البعض وهي في الصلاة فاتحة البعض لا الكل على أن إطلاق الكتاب على البعض من المستحدثات بعد هذه التسمية إذ هو اصطلاح أصولي ويمكن دفع الخدشين أما الأول فبأن تلك التسمية لما كانت مأخوذة من الشارع فلعله سماها بذلك لعلمه بتصدير الكتاب العزيز بها فيما بعد كما يقال من أنها سميت بالسبع المثاني بمكة قبل نزولها بالمدينة لعلمه سبحانه بأنه سيثني نزولها بها على أن القول بأن ترتيب السور القرآنية على هذا النمط مما وقع بعد عصر الرسالة ليس أمرا مجمعا عليه بين الأمة كيف وبعض السلف مصرون على أن ترتيب المصحف المجيد على ما هو عليه إلا أن إنما وقع في عصره صلى الله عليه وآله طبق ما اقتضاه رأيه الأقدس وأما الثاني فيتطرق القدح إلى بعض مقدماته وسيما حكاية الاستحداث كيف وتجويزهم كون السورة هي المشار إليه في قوله عز وعلا " ذلك الكتاب " شاهد صدق بخلافه على أن تسميته البعض باسم الكل مجاز شايع لا حجر فيه فلا مانع من أن يكون هذا منه فصل ومن أسمائها أم القرآن وأم الكتاب لأنها جامعة لأصول مقاصده ومحتوية على رؤس مطالبه والعرب قد يسمون ما يجمع أشياء عديدة أما كما يسمون الجلدة الجامعة للدماغ وحواسه أم الرأس واللواء الذي مجتمع العسكر تحته أما ولأنها كا القد لما فصل في القرآن المجيد فكأنه نشاء وتولد منها بالتفصيل بعد الإجمال كما سميت مكة المشرفة بأم القرى لأن الأرض دحيت من تحتها ووجه اشتمال هذه السورة الكريمة على مقاصد الكتاب العزيز أما إن تلك المقاصد راجعة إلى أمرين هما الأصول الاعتقادية و الفروع العملية أو هما معرفة عن الربوبية وذل العبودية وأما إنها يرجع إلى ثلاثة هي تأدية حمده وشكره جل شأنه والتعبد بأمره ونهيه ومعرفة وعده ووعيده وأما إلى أربعة هي وصفه سبحانه بصفات الكمال والقيام بما شرعه من وظائف
Bogga 389