يهواك حتى زال كل هدوه
فإذا ثنته عنك فترة صدفة
وارتد بعد علمت بعد سلوه
فإليك يدنيني الهوى بدنوه
مني ويقصيني الرجا بعلوه
عادى الرجا قلبي وصادقه الهوى
فاحتار بين صديقه وعدوه
حال البغض
البغض خصم الصلاح، وعدو الاصطلاح، وحليف الفساد، وأليف الاضطهاد، ومنجل الخير، ومحراث الضير، فهو الداهية الدهما، والبلية العظمى، حيثما وجد وجد الشر، وأينما تحرك تحرك الضر. وهو إما خلقا وإما تخلقا، فإذا كان خلقا دعي البغض الغريزي، ويكون صاحبه باغض الناس، في كل لباس، فيبغض عموم البشر، ويشتهي لهم كل ضرر، فلا يصادق صديقا، ولا يرافق رفيقا، ولا يواخي ولا يخاوى، ولا يداني ولا يداوى، وإذا استعطف نفر، وإذا استلطف نهر، وغمغم وزجر ، وإذا حولف مان، وإذا عوهد خان، وإذا وعد أخلف، وإذا قال أجحف. وهكذا فذو البغض يكون من الكل مبغوضا، ومن نفسه مرضوضا، فيستنزل عليه لعنة الجميع، ويستجلب إليه مقت الرفيع والوضيع، إذ يصبح هملا مهمولا، وسقطا مرذولا، ويغدو ذكره عارا، واسمه شنارا، ينفر منه الجنان، وتقشعر الأبدان.
وإذا كان البغض تخلقا إنما يدعى البغض الاكتسابي، وهو يكون نتيجة غيره من الصفات، كالكبرياء والحسد، والغضب والحقد. فالمتكبر يبغض الذوات، والحسود يمقت الخيرات، والغضوب يبغض الرضوان، والحقود يمقت الغفران. وقد يكون هذا البغض أثر خلف في دين النفس، وافتراق في النوع والجنس، أو أثر وفاق الأعمال، واتفاق الأشغال، فيستنهض أمة على أمة، ومملكة على مملكة، وبه يردي الزارع بالزارع، ويودي الصانع بالصانع، ويفتك التاجر بالتاجر، ويضر الآجر بالآجر، وتثور العلماء على العلماء، وتهب الشعراء على الشعراء. وهكذا تنهش هناك أنياب المثالب، وتنشب مخالب المسالب، وتسعى أفاعي الضغن، وتزأر وحوش الفتن، فينثل عرش الانتظام، ويتقوض ركن الانضمام، حتى يهبط كل عمار، ويتشيد كل دمار. فلا ريب أن البغض، آفة الكل والبعض.
Bog aan la aqoon