Mashariq Anwaarul Culuub
مشارق أنوار العقول
Noocyada
( النوع الثالث): ما ذهب السيد الفخر الرازي وابن بركة العماني من أنه يجب فعل ما أكره عليه إذا كان الفعل المكره عليه مما يباح عند الضرورة وذلك كما إذا أكرهه على شرب الخمر وأكل الخنزير وأكل الميتة فإذا أكرهه عليه بالسيف فها هنا يجب الأكل عندهما وذلك لأن صون الروح عن الفوات واجب ولا سبيل إليه في هذه الصورة إلا بهذا الأكل وليس في هذا الأكل ضرر على حيوان ولا فيه إهانة لحق الله تعالى فوجب أن يجب لقوله تعالى ((ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة))([6]) وذهب غيرهما إلى إباحة هذا النوع وعدم وجوبه وهو الصحيح لما تقدم من الأدلة على إباحة التقية بكلمة الكفر وعدم وجوبها هنالك فإنه متى لم تجب التقية بالقول فمن الأولى أن لا تجب بالفعل وليس هنا إلقاء بالنفس إلى التهلكة حتى يجب فإنه وإن وجب إحياؤها بهذه الأمور فيما إذا اضطر إليها من غير إكراه كما إذا اضطره الجوع فلا يقاس عليه ما هنا كيف يقاس وهو لا يصدق عليه في هذا الموضع أنه قاتل نفسه، وإنما يقال إنه قتل بخلاف ما اضطره الجوع إلى ذلك، والحال أن الله قد أباحه له فإنه إذا أمسك عنه حينئذ حتى مات صح أن يقال أنه قتل نفسه فيدخل فعله تحت قوله تعالى ((ولا تقتلوا أنفسكم))([7]) وفي السنة النبوية وفي آثار الصلحاء من هذه الأمة وغيرها ما يدل على عدم وجوب ذلك.
(أجز تقية بقول أن خلص=
من نيل ضر من به القول يخص)
(وامنعها في إتلاف نفس أن جنى=
والخلف في إتلاف مال ضمنا)
Bogga 373