313

Mashariq Anwaarul Culuub

مشارق أنوار العقول

Noocyada

أقول: وهذا الجواب لا يدفع تلك المناقشة فإنها مبنية على قاعدة مشهورة صرح بها هذا الإمام وغيره هي أنه ليس لأحد أن يبيح البراءة من نفسه، ومن أباح البراءة من نفسه فهو هالك عند الله أنه صادق واستدل عليها الإمام بقوله تعالى ((فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون))([11])قائلا أنه تعالى حكم على القذفة بالكذب إن لم يأتوا بالشهداء ولو كانوا صادقين في نفس الأمر كذلك من أباح من نفسه البراءة في الظاهر يبرأ منه، وإن كان محقا في السريرة لكن للإمام أن يقول هذا التائب إنما أباح من نفسه البراءة حين مباشرة المعصية فتوبته جب لما قبلها مطلقا، وقد يجاب بأن إبقاء من علم أنه يبرأ منه بموجب البراءة على البراءة منه مع القدرة على نقله من البراءة منه إباحة للبراءة من نفسه، أما القائلون بأن الجهر هو ما سمعه من يليك فصاعدا فقد أوجبوا على من عمل المعصية وأطلع عليها غيره أن يبلغ توبته من أطلع على معصيته ووجهه أنه لما كان الجهر هو ما سمعه الغير وكان بعض الغير مطلعا على المعصية والبعض لم يطلع كان لا معنى لإيجاب إظهار التوبة عند من لم يطلع على معصيته، فتعين أن الواجب هو إظهارها عند من اطلع على معصيته نعم يستثنى من ذلك إذا كان هذا العاصي مشهور الفسق في جميع النواحي أو كان فقد اطلع على معصيته من لا يصل إلى أخباره فإنه ليس عليه في الأول إلا إشهار التوبة كما شهرت معصيته وفسقه لتعذر إظهارها على كل فرد ممن اشتهر معه فسقه، وكذلك ليس عليه في الحال الثاني شيء لأنه إذا لم يكن من اطلع على معصيته بمحل يصل إليه خيره ولو بالكتابة فقد تعذر إخباره، والتكليف بما هو متعذر الوجود تكليف بما لا يطاق وهو ممنوع.

(قوله عن نبينا) أي محمد صلى الله عليه وسلم والإشارة إلى تلك الرواية والإضافة لتشريف المضاف إليه.

Bogga 324