179

على الغسل والوضوء يرد على الأول النقص بما ذهب إليه في غسل الجنابة كما ذكرنا وعلى الثاني إنه استبعاد لا يكفي في المطلب لان أحكام الشريعة لا مجال للعقل فيها فالأولى أن يرد بما ذكرنا سابقا وقد يتخيل طرد الوجهين فيما إذا وقع الحدث الأصغر بعد الغسل وقبل الوضوء بناء على ما ذكرنا أيضا والجواب الجواب تتمة اعلم أن جميع ما ذكر إنما هو في الغسل المرتب وأما الارتماس فقد قال المصنف في الذكرى إن قلنا بسقوط الترتيب فيه حكما فإن وقع بعد ملاقاة الماء جميع البدن أوجب الوضوء لا غير وإلا فليس له أثر وإن قلنا بوجوب الترتيب الحكمي القصدي فهو كالمرتب وإن قلنا بحصوله في نفسه وفسرناه بتفسير الاستبصار أمكن انسحاب البحث فيه وأورد عليه أما أولا فأن قوله وإلا فليس له أثر ممنوع لأن الارتماس فيه أيضا تدريج والوحدة إنما هي العرفية فلو وقع الحدث بعد النية وقبل وصول الماء إلى جميع البدن لاطراد فيه الخلاف وكان نظرة إلى أن الغسل الارتماسي إنما هو عبارة عن وصول الماء إلى جميع البدن تحت الماء والولوج في الماء ليس من أفعاله بل من مقدماته والتدريج إنما هو فيه لا في الأول والحاصل أن الغسل إنما هو بعد الولوج بجميع البدن في الماء وبعد الولوج بالتمام وصول الماء إلى الجميع دفعي لا تدريج فيه فلا يؤثر الحدث لكن لا يخفى أن إثباته مشكل إذ يجوز أن يكون الغسل إنما يحصل تدريجا بارتماس عضو عضو في الماء ولو استدل على خلافه بأنه لو كان كذلك للزم أن لو أخرج العضو الذي ارتمس في الماء قبل ارتماس الجميع لصح الغسل أمكن الجواب عنه بالالتزام أولا وبمنع الملازمة ثانيا لجواز أن يكون إبقاء العضو المرتمس في الماء إلى أن يدخل الأعضاء الأخرى شرطا في صحة الغسل فلو ثبت أحد الامرين فيبنى عليه ولو لم يثبت فلو قلنا في الترتيب بالاكتفاء بالاتمام فلا إشكال هاهنا لأنه على أي تقدير يصح هذا الغسل ولا يحتاج إلى الوضوء ولو قلنا بالإعادة أو إلى الاحتياج إلى الوضوء فلا يخلو من إشكال لان بناء الإعادة والوضوء على أن الحدث يؤثر البتة ولا بد له من رافع أما الغسل بتمامه على قول أو الوضوء على آخر وحينئذ يحتمل وقوع الرافع بعده وهو الغسل فلو قيل أن اليقين لا ينقض بالشك شامل لهذه الصورة أيضا فلا بد من الإعادة أو الوضوء ولو لم يقل بشموله لها فالظاهر عدم الاحتياج إلى الإعادة والوضوء ولا يخفى أنه لو استدل على نقض الحدث المتخلل لما تقدم بما أولنا به كلام المختلف فحينئذ الظاهر عدم الاحتياج إلى الإعادة والوضوء على التقديرين معا لان النقض حينئذ مشكوك إذ هو إنما يتحقق لو كان في الأثناء وهو مشكوك لجواز كونه متقدما وعلى تقدير الشك في النقض لا حكم للحدث فيحكم بصحة الغسل وإجزائه عن الوضوء لاطلاق الأوامر وهاهنا كلام آخر وهو أنه على تقدير كون الغسل إنما يحصل دفعة بعد ولوج جميع البدن في الماء لا يظهر أيضا عدم تأثير الحدث أو وجوب الوضوء إذ يجوز أن يقع الحدث في هذا الان الذي يحصل فيه الغسل وحينئذ يشكل الامر فلا بد من تفصيل القول فيه فنقول الحدث أما دفعي أو تدريجي وعلى الأول أما أن يكون قبل أن الغسل أو بعده أو فيه وحكم الأولين ظاهر إذ على الأول لا حكم له وعلى الثاني يصح الغسل ويجب الوضوء البتة وأما الثالث ففيه إشكال نظرا إلى أن الحدث المقارن هل هو في حكم السابق أو اللاحق والظاهر أن القول فيه أيضا كالقول المذكور آنفا في حال الاشتباه وعلى الثاني أما أن يكون ابتداه قبل آن الغسل أو فيه وعلى الأول أما أن ينتهي بآن الغسل أو لا فإن كان قبل الغسل وانتهى به فلا يبعد حينئذ القول بإلحاقه بالسابق لان في آن الغسل لا تحقق له بل إنما تحقق انتهائه وفنائه فيكون سابقا في الحقيقة ويحتمل على بعد إلحاقه بالمقارن فيجري فيه ما ذكر في المقارن ولو لم ينته بل استمر بعده أيضا فحينئذ لا يتمشى القول المختار وهو ظاهر فإنما بقي الكلام في الإعادة والاكتفاء بالوضوء ولا يخفى أن الظاهر حينئذ أن في آن الغسل الحدث متحقق فيكون حكمه حكم الحدث المقارن ويستنبط حاله مما ذكر وإن كان في آن الغسل فلا يبعد حينئذ إلحاقه باللاحق لان في هذا الان لا تحقق له أصلا ويحتمل على بعد إلحاقه بالمقارن والكلام فيه كما ذكر ولا يخفى أنه لو قلنا بأن الارتماس تدريجي وابتداء الحدث في آن انتهاءه لكان القول بإلحاقه باللاحق أظهر منه في الدفعي فتأمل وأما ثانيا فإن ما ذكر أنه على تقدير الترتيب الحكمي القصدي يكون في حكم المرتب لا ظهور له إذ على ما ذكره من أن الارتماس رفعي في الواقع لا يمكن وقوع الحدث في الأثناء وإن وجب اعتقاد الترتيب وهو ظاهر إلا أن يكون نظره إلى أن وجوب اعتقاد الترتيب يستلزم وجوب اعتقاد ما يترتب عليه أيضا ومما يترتب على الترتيب إجراء الخلاف المذكور فيه وقد عرفت سابقا ضعف هذا القول فلا حاجة إلى الخوض فيما يتفرع عليه والاحتياط في الارتماس أيضا كما في الترتيب بأن يعيد و يتوضأ ويزداد فيه الاحتياط بأن لو كان الحدث في أثناء الولوج أتم الولوج ثم خرج وأولج مرة أخرى وتوضأ حذرا عن إبطال العمل (وفي وجوب ثمن الماء على الزوج نظر نعم يجب تمكينها منه) سنضم إن ساعدنا التوفيق إن شاء الله تعالى كتاب النكاح إلى المتن ونشرح هذه المسألة أيضا فيه والله الموفق (ولو قام على مكان نجس غسل ما نجس ثم أفاض عليه الماء للغسل ولا يجزي غسل النجاسة عن رفع الحدث على الأصح) قال الشيخ في المبسوط وإن كان على يده نجاسة أزالها ثم اغتسل فإن خالف واغتسل أولا فقد ارتفع حدث الجنابة وعليه أن يزيل النجاسة إن كانت لم تزل بالغسل وإن زالت بالاغتسال فقد أجزائه غسلها وهذا يدل على أن طهارة المحل ليست شرطا في الغسل وعلى أن الغسل الواحد يجزي عن رفع الحدث والخبث معا وما ذكره هو الظاهر أما الأول فلان الامر بالاغتسال مطلق والتقييد بطهارة المحل خلاف الظاهر نعم لابد من وصول الماء إلى البشرة فيجب أن لا يكون للنجاسة عين مانع من الوصول فأما إذا لم يكن لها عين أو مكان ولم يكن مانعا فلا دليل على بطلانه وإن لم يطهر بصب الماء للغسل كما إذا كان لها غين غير مانع ولم يزل أو لم يكن لها عين لكن لابد في تطهيرها من الصب مرتين مثلا والظاهر أن مراد الشيخ من عدم زوالها بالغسل ما ذكرنا

Bogga 182