Mashariq Anwar
مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع)
Noocyada
قد طاشت النقطة في الدائرة
فلم تزل في ذاتها حائرة
محجوبة الإدراك عنها بها
منها لها جارحة ناظرة
سمت على الأسماء حتى لقد
فوضت الدنيا مع الآخرة
وهي أول العدد وسر الواحد الأحد، وذلك لأن ذات الله غير معلومة للبشر فمعرفته بصفاته والنقطة الواحدة هي صفة الله، والصفة تدل على الموصوف، لأن بظهورها عرف الله، وهي لألاء النور الذي شعشع عن جلال الأحدية في سيماء الحضرة المحمدية، وإليه الإشارة بقوله: «يعرفك بها من عرفك» (1) يعضد هذا القول أيضا قولهم: لو لانا ما عرف الله، ولو لا الله ما عرفنا (2).
فهم النور الذي أشرقت منه الأنوار، والواحد الذي ظهرت عنه الأجساد، والسر الذي نشأت عنه الأسرار، والعقل الذي قامت به العقول، والنفس التي صدرت عنها النفوس، واللوح الحاوي لأسرار الغيوب والكرسي الذي وسع السماوات والأرض، والعرش العظيم المحيط بكل شيء، عظمة وعلما، والعين التي ظهرت عنها كل عين، والحقيقة التي يشهدها بالبدء كل موجود كما شهدت هي بالأحدية لواجب الوجود.
فغاية عرفان العارفين الوصول إلى محمد وعلي بحقيقة معرفتهم، أو بمعرفة حقيقتهم، لكن ذلك الباب مستور بحجاب وما أوتيتم من العلم إلا قليلا (3)، وإليه الإشارة بقولهم:
«إن الذي خرج إلى الملائكة المقربين من معرفة آل محمد قليل من كثير»، فكيف إلى عالم البشرية، وعن هذا المقام عنوا بقولهم «أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله نبي مرسل ولا ملك مقرب»، فمن اتصل بشعاع نورهم فقد عرف نفسه لأنه إذ قد عرف عين الوجود وحقيقة الموجود، وفردانية الرب المعبود، فمعرفة النفس هي معرفة حقيقة الوجود المقيد، وهي النقطة الواحدة التي ظاهرها وباطنها النبوة والولاية، فمن عرف النبوة والولاية بحقيقة معرفتها فقد عرف ربه، فمن عرف محمدا وعليا فقد عرف ربه، وإن كان الضمير في قوله
Bogga 300