Caanka Culimada Muslimiinta
مشاهير أعلام المسلمين
Noocyada
أمير الشعراء أحمد شوقي
كان الناس في انتظار شاعر يشعل الحماسة، ويتغنى بالعزة والكرامة، ويوقد مشاعل الثورة في القلوب، بعد أن ظلوا فترة طويلة محرومين من ظهور الشعراء الكبار أمثال جرير، والفرزدق، والمتنبي.. وغيرهم، وجاء شعر أحمد شوقي في اللحظة الحاسمة، نغما هادئا، ولحنا شجيا عذبا، يتسلل إلى النفوس والقلوب ليفيض عليها العزة والكرامة.
ولد أحمد شوقي في القاهرة في السادس عشر من أكتوبر سنة 1870م لأب تركي، وأم يونانية، يقول شوقي عن نفسه: إني عربي، تركي، يوناني، جركسي أصول أربعة في فروع مجتمعة، تكفلها له مصر.
نشأ في بيئة مترفة، إذ عاش في قصر خديوي مصر حيث كانت جدته من وصيفات القصر، ودخل كتاب الشيخ صالح بحي السيدة زينب بالقاهرة وهو في الرابعة من عمره، ثم مدرسة المبتديان الإبتدائية، ومنها إلى المدرسة التجهيزية، وقد منح المجانية نظرا لتفوقه، قال الشعر في الرابعة عشر من عمره، وأعجب به أستاذه الشيخ (حسين المرصفي).
ومما يدل على نبوغه الشعري المبكر أن أستاذه في اللغة العربية، وكان شاعرا فصيحا بهر بشاعريته فكان يجلس منه مجلس التلميذ من أستاذه، وكان هذا الشيخ ينظم القصائد الطوال في مدح الخديوي توفيق؛ كلما حل موسم أو جاء عيد، وقبل أن يرسلها إلى القصر لكي تنشر في الصحف، يعرضها على شوقي، فيصلح شوقي فيها، فيمحو هذه الكلمة أو تلك ويعدل هذا الشطر أو ذاك، أو يسقط بعض الأبيات، وبعد أن أتم أحمد شوقي تعليمه الثانوي التحق بمدرسة الحقوق لدراسة القانون، وقضى بها سنتين، ثم انضم إلى قسم الترجمة ونال بعد سنتين إجازة للترجمة.
وبحكم تربيته في قصر الخديوي فقد أخذ ينشد قصائده في مدح الخديوي توفيق، وقد نشرت أولى قصائده في جريدة الوقائع المصرية في 7 إبريل سنة 1888م، ونظرا لصلة شوقي بالقصر فقد أرسله الخديوي على نفقته في بعثة إلى فرنسا لإتمام دراسته في الحقوق والآداب بجامعة مونبليه بباريس، وعاد شوقي إلى مصر، فعمل في قسم الترجمة بالقصر، وظل يتدرج في المناصب حتى أصبح رئيسا لهذا القسم، وأصبح قريبا من الخديوي عباس حلمي الذي خلف الخديوي توفيق وأنيس مجلسه ورفيق رحلته، وأخذ شوقي يمدحه بقصائده، حتى سمي (شاعر الأمير ) وجاءت الفرصة لأحمد شوقي ليخرج من القفص الذهبي الذي كان محبوسا فيه، حين أراد الخديوي عباس حلمي الثاني أن يضم إلى صفه أبناء الشعب ليضغط على قوى الاحتلال الإنجليزي حتى يستجيبوا لمطالبه وهنا جاء دور أحمد شوقي.
فأخذ شوقي ينادي بالحرية والاستقلال وينشد قصائده في حب الوطن، ويساعده على ذلك الخديوي عباس ويشجعه، فنفى الإنجليز الخديوي عباس إلى خارج البلاد، وعينوا بدلا منه السلطان (حسين كامل) ولم يترك الإنجليز أحمد شوقي وشأنه ، وإنما عزموا على نفيه هو الآخر، فخيروه أي البلاد التي يحب أن يذهب إليها؟ فاختار إسبانيا (أندلس العرب) سنة 1915م وهناك أخذ ينظم قصائده في أمجاد العرب ودولتهم البائدة، وينشر قصائده في حب الوطن، ويناجيه بقصائد كلها حب وحنين:
أحبك مصر من أعماق قلبي وحبك في صميم القلب نامي
سيجمعني بك التاريخ يوما إذا ظهر الكرام على اللئام
لأجلك رحت بالدنيا شقيا أصد الوجه والدنيا أمامي
وأنظر جنة جمعت ذئابا فيصرفني الإباء عن الزحام
وهبتك غير هياب يراعا أشد على العدو من الحسام
ويقول:
اختلاف النهار والليل ينسي اذكرا لي الصبا وأيام أنسي
وسلا مصر هل سلا القلب عنها أو أسي جرحه الزمان المؤسي
كلما مرت الليالي عليه رق والعهد في الليالي تقسي
وبعد أن قضى شوقي في بلاد الأندلس فترة طويلة صدر العفو عنه، وعاد إلى البلاد في شهر فبراير سنة 1919م، وفي الإسكندرية والقاهرة تجمع الشباب لاستقبال شوقي، فتأثر بذلك الموقف، فقال يخاطب وطنه الغالي، وقد رأى أن عودته إلى أرض الوطن تشبه عودة الشباب بعد المشيب:
ويا وطني لقيتك بعد يأس كأني قد لقيت بك الشبابا
وعاد شوقي والبلاد في حالة غليان، والشعب يدفع حياته ثمنا للحرية في ظل مستعمر غاصب، فلم يقف مكتوف الأيدي، بل أطلق لسانه مشاركا أبناء وطنه في محنتهم، وقام بدوره الوطني على أكمل وجه، وأثبت أنه شاعر الوطن، المدافع عن حقوقه في وقت الشدة، وكان يريد للأمة العربية والإسلامية الوحدة وعدم التفرق، ولشوقي في مدح الرسول -صلى الله عليه وسلم- قصائد غراء مشهورة، يعرفها كل من يقرأ بالعربية.
وعاش شوقي حتى نهاية العمر يتغنى بالوطنية والحرية، حتى أجمع الشعراء على زعامته في ميدان الشعر، فجاءت الوفود من كل البلاد التي تنطق العربية، لتبايع شوقي بإمارة الشعر، ووقف زميله الشاعر حافظ إبراهيم في حفل تكريمه يبايعه بزعامته للشعراء بقصيدة يقول فيها :
أمير القوافي قد أتيت مبايعا وهذي وفود الشرق قد بايعت معي
وظل شوقي ينشد الشعر إلى أن توفي سنة 1932م بعد أن ترك تراثا شعريا كبيرا.
يقول في همزيته :
بسوى الأمانة في الصبا والصدق لم ............يعرفه أهل الصدق والأمناء
يا من له الأخلاق ما تهوى العلا ...........منها وما يتعشق الكبراء
لو لم تقم دينا لقامت وحدها ...........دينا تضيء بنوره الآناء
زانتك في الخلق العظيم شمائل ...........يغرى بهن ويولع الكرماء
أما الجمال فأنت شمس سمائه ...........وملاحة الصديق منك أياء
والحسن من كرم الوجوه وخيره ...........ما أوتي القواد والزعماء
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى ...........وفعلت ما لا تفعل الأنواء
وإذا عفوت فقادرا ومقدرا ............لا يستهين بعفوك الجهلاء
وإذا رحمت فأنت أم أو أب ...............هذان في الدنيا هما الرحماء
وإذا غضبت فإنما هي غضبة ...........في الحق لا ضغن ولا بغضاء
وإذا رضيت فذاك في مرضاته ............ورضى الكثير تحلم ورياء
وإذا خطبت فللمنابر هزة............تعرو الندي وللقلوب بكاء
وإذا قضيت فلا ارتياب كأنما.............جاء الخصوم من السماء قضاء
وإذا حميت الماء لم يورد ولو............أن القياصر والملوك ظماء
وإذا أجرت فأنت بيت الله لم...............يدخل عليه المستجير عداء
وإذا ملكت النفس قمت ببرها..........ولو أن ما ملكت يداك الشاء
وإذا بنيت فخير زوج عشرة..........وإذا ابتنيت فدونك الآباء
وإذا صحبت رأى الوفاء مجسما..........في بردك الأصحاب والخلطاء
وأذا أخذت العهد أو أعطيته..........فجميع عهدك ذمة ووفاء
وإذا مشيت الى العدا فغضنفر..........وإذا جريت فإنك النكباء
وتمد حلمك للسفيه مداريا...........حتى يضيق بعرضك السفهاء
في كل نفس من سطاك مهابة...........ولكل نفس في نداك رجاء
يأيها الأمي حسبك رتبة .........في العلم أن دانت بك العلماء
الذكر آية ربك الكبرى التي............فيها لباغي المعجزات غناء
صدر البيان له إذا التقت اللغى.........وتقدم البلغاء والفصحاء
نسخت به التوراة وهي وضيئة........وتخلف الإنجيل وهو ذكاء
لما تمشى في الحجاز حكيمه........فضت عكاظ به وقام حراء
أزرى بمنطق أهله وبيانهم..........وحي يقصر دونه البلغاء
المصلحون أصابع جمعت يدا.......هي أنت بل أنت اليد البيضاء
ما جئت بابك مادحا بل داعيا............ومن المديح تضرع ودعاء
أدعوك عن قومي الضعاف لأزمة.........في مثلها يلقى عليك رجاء
أدرى رسول الله أن نفوسهم.........ثقة ولا جمع القلوب صفاء
رقدوا، وغرهم نعيم باطل..........ونعيم قوم في القيود بلاء
ظلموا شريعتك التي نلنا بها.........ما لم ينل في رومة الفقهاء
مشت الحضارة في سناهاواهتدى........في الدين والدنيا بها السعداء
صلى عليك الله ما صحب الدجى............حاد وحنت بالفلا وجناء
واستقبل الرضوان في غرفاتهم.............بجنان عدن آلك السمحاء
خير الوسائل من يقع منهم على..........سبب إليك فحسبي الزهراء
Bogga 58