(21) واعلم أن للوجودات حقائق خارجية لكنها مجهولة الأسامي. شرح أسمائها أنها وجود كذا ووجود كذا. ثم يلزم الجميع في الذهن الأمر العام. وأقسام الشيء والماهية معلومة الأسامي والخواص. والوجود الحقيقي لكل شيء من الأشياء لا يمكن التعبير عنه باسم ونعت إذ وضع الأسماء والنعوت إنما يكون بإزاء المفهومات والمعاني الكلية لا بإزاء الهويات الوجودية والصور العينية.
الشاهد الثاني (22) إن من البين الواضح أن المراد بالخارج والذهن في قولنا هذا موجود في الخارج وذاك موجود في الذهن ليسا من قبيل الظروف والأمكنة ولا المحال بل المعنى بكون الشيء في الخارج أن له وجودا يترتب عليه آثاره وأحكامه وبكونه في الذهن أنه بخلاف ذلك. فلو لم يكن للوجود حقيقة إلا مجرد تحصل الماهية لم يكن حينئذ فرق بين الخارج والذهن وهو محال إذ الماهية قد تكون متحصلة ذهنا وليست بموجودة في الخارج.
الشاهد الثالث (23) إنه لو كانت موجودية الأشياء بنفس ماهياتها لا بأمر آخر لامتنع حمل بعضها على بعض والحكم بشيء منها على شيء كقولنا زيد حيوان والإنسان ماش لأن مفاد الحمل ومصداقه هو الاتحاد بين مفهومين متغايرين في الوجود وكذا الحكم بشيء على شيء عبارة عن اتحادهما وجودا وتغايرهما مفهوما وماهية وما به المغايرة غير ما به الاتحاد. وإلى هذا يرجع ما قيل إن الحمل يقتضي الاتحاد في الخارج والمغايرة في الذهن. فلو لم يكن الوجود شيئا غير الماهية لم تكن جهة الاتحاد مخالفة لجهة المغايرة. واللازم باطل كما مر فالملزوم مثله. بيان الملازمة أن صحة الحمل مبناه على وحدة ما وتغاير ما إذ لو كان هناك وحدة محضة لم يكن حمل ولو كان كثرة محضة لم يكن حمل. فلو كان الوجود أمرا انتزاعيا يكون وحدته
Bogga 62