أما بعد فقد أحسنت البلاء وقضيت الذي عليك، فإذا خف عنك الوجع فأقبل مأجورا إلى أهلك والسلام.
وخرج «سورة بن أبجر» في طلب شبيب كما أمره الحجاج، قالوا: تخير ثلاثمائة رجل من أهل القوة والجلد والشجاعة، ولكن شبيبا انتهى بالتغلب عليه وهزمه وجيشه. (2-4) حربه مع الجزل بن سعيد
ودعا الحجاج إليه «الجزل عثمان بن سعيد» فقال له: «تيسر للخروج إلى هذه المارقة، فإذا لقيتهم فلا تعجل عجلة الخرق ولا تحجم إحجام الواني الفرق، هل فهمت.»
فقال: «نعم أصلح الله الأمير، قد فهمت.»
فقال: «فاخرج فعسكر بدير عبد الرحمن حتى يخرج إليك الناس.»
فقال: «أصلح الله الأمير، لا تبعثن معي أحدا من أهل الجند المفلول المهزوم فإن الرعب قد دخل قلوبهم.»
فقال له: «ذلك لك، ولا أراك إلا قد أحسنت الرأي ووفقت.»
وجمع له الحجاج أربعة آلاف رجل، ثم نادى منادي الحجاج فيهم أن «برئت الذمة من رجل أصبناه من هذا البعث متخلفا.»
وما زال الجزل بن سعيد يسير في أثر شبيب - وشبيب يريه الهيبة - ويخرج من رستاق إلى رستاق، وإنما أراد شبيب بذلك أن يفرق الجزل أصحابه ويتعجل إليه فيلقاه في يسير من الناس على غير تعبئة. ولكن الجزل كان حريصا فلم يكن يسير إلا على تعبئة، ولا ينزل إلا خندق على نفسه خندقا.
وطال الزمن عليهم، وأراد شبيب أن يبيته، ولكنه وجد الجزل حذرا وقد بث العيون والأرصاد فلم يظفر منهم بطائل، قالوا: فلما رأى شبيب أنه لا يصل إليهم تركهم بعد أن أعاد الكرة فلم يفلح.
Bog aan la aqoon