وهذا ما لم يتوافر اليوم في كثير مما يسمَّى "تحقيقا"!
لقد امتلأت المكتبات ومعارض الكتب بكمٍّ غير قليل من كتب التراث (المحقَّقة)، ولكنك تجد التفاوت الشاسع بكم هذه التحقيقات بعضها وبعض.
فبعض هذه الكتب المحقَّقة أقرؤها، فيضيق بها صدرى؛ لأني لا أجد فيها قراءة صحيحة ونافعة ومستنيرة للنصِّ، وبعضها أجد فيها مبالغة منكورة في تضخيم التحقيق في غير ضرورة. مثل ذكر كلِّ المخالفات بين النسخ بعضها وبعض، وأكثرها اختلافات غير مؤثِّرة، وهي تأخذ حيِّزا كبيرا ولا يكاد يستفيد القارئ منه شيئًا.
ومثل الترجمة لكلِّ عَلم يَرِد في النصِّ، ولو كان من الوضوح بمكان، مثل الخلفاء الراشدين، والأئمة الأربعة، وأمثالهم.
ومثل التوسُّع في تخريج الأحاديث بما لا لزوم له، وإن كان من الأحاديث الشهيرة المعروفة.
ومثل التعليق على البَدَهِيات، مع إهمال التعليق في أماكن معيَّنة تتطلَّب التعليق، لإزالة الاشتباه ورفع اللبس.
وإلى جوار هؤلاء "المحقِّقين" الذين ملأوا السوق، واتّخذوا من التحقيق تجارة رابحة، ﴿فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾
1 / 10