ومنهم من يمنع تسلسلها دون قيامها به.
ومنهم من لا يمنع واحدا من الأمرين.
ومعلوم أن إثبات حلول الحوادث به أخف منه. فإنها مبنية على إثبات تسلسل الحوادث.
فإن كلاهما إن كان خطأ: فظهور الخطأ في تسلسل الحوادث أظهر، والقول إلى منعه أسبق.
ولهذا أقام المتكلمون على امتناع تسلسل الحوادث حججا؛ سواء كانت حقا أو باطلا.
وأما منع قيام الحوادث به؛ فقد تبين أن حججها قليلة، وهي أضعف من تلك بكثير.
وإن كان كلاهما صوابا: فقيام الحوادث به أظهر من جواز تسلسلها.
فإن جواز تسلسلها يستلزم قيامها به من غير عكس.
ولهذا كان في الكتب الإلهية والأخبار النبوية: من وصفه بالاستواء، والنزول، والمجيء، والإتيان، وأنه سيرى، وإذا أراد أمرا، وأمثال ذلك من النصوص التي يستدل بها على جواز قيام الحوادث به ما لا يكاد يحصى، بل وليس فيها ما يدل على امتناع قيام الحوادث به، كما أنه ليس في النصوص ما يدل على امتناع التسلسل في الحوادث في الشروط، بل ولا على وقوعه؛ إلا بطريق الاستنباط واللزوم.
فالمتكلمون إن أخطأوا: أخطأوا في الخفي وأصابوا في الجلي، والمتفلسفة بالعكس: أخطأوا في الجلي ولم يصيبوا في الخفي في موضع ينفعهم، بل في موضع هو حجة عليهم لا لهم.
Bogga 137