ومنهم من يقول: بل لم يزل متكلما متحركا، وأن من لوازم الحياة: الحركة، كما يقول ذلك من يقوله من أئمة أهل الحديث.
وقد تقدم ما ذكره الرازي: أن جميع ما يجيب به من يختار القسم الأول، كالذي يقول: العلم القديم أو الإرادة القديمة هو السبب في الإحداث، أو يقول: مجرد القدرة ترجح؛ يرجع إلى القول الثاني مع تضعيفه لأجوبتهم.
فتبين ما ذكره من أنها كلها ترجع إلى اختيار القسم الثاني؛ وهو: أن كل ما لا بد منه في إيجاد العالم لم يكن حاصلا في الأزل.
ومعلوم: أنه إذا لم يكن حاصلا في الأزل ثم حصل؛ وحصوله يستلزم حدوث حادث، وهو أن تمام المؤثرية لم يكن حاصلا في الأزل.
وأنه لو قيل: إن تمام المؤثرية كان حاصلا في الأزل لزم قدم جميع الآثار؛ وهو خلاف المشاهدة.
أو يرجح أحد طرفي الممكن بلا مرجح وهو خلاف العقل الصريح.
وإذا قيل: إن تمام المؤثرية ما كان حاصلا ثم حدث؛ فالقول في سبب ذلك الحادث كالقول فيه؛ ويلزم التسلسل.
فتبين: أنه يلزم: إما عدم الحدوث؛ وهو خلاف الحس، وإما الترجيح بلا مرجح؛ وهو خلاف العقل، وإما التسلسل.
فهذه ثلاثة أمور لا بد من التزام واحد منها:
فأما الحدوث والتغير فلم ينكره أحد؛ لأنه خلاف المشاهدة والحس، ولكن الناس على قولين: منهم من يلتزم الترجيح بغير مرجح، ومنهم من يلتزم التسلسل.
Bogga 86