وقد أفضى بغض باجوس للملك أرتاكسيركسيس الثالث إلى إصابة نهضة الفرس بضربة كان من أثرها تقديم اليونانيين، وأن قضى الإسكندر على دولة الفرس في 333ق.م في موقعة أسومس، وكان غزو صور وغزة مفضيا إلى دخول اليهود تحت الحكم اليوناني، وأصبحوا من رعاياه يستمتعون بالحرية الدينية مقابل ما يدفعون من الجزية.
وكان من اليهود أقوام منعزلة، عاشت في سلام في مصر وإيران، وكانوا يؤدون التحية باسم الإله «ياهو إله السماء».
الفصل العاشر
الإسرائيليون والعرب قبل الإسلام وبعده
لئن كان الإسرائيليون من الأمم السامية، فإنهم ليسوا أقدمها، فقد وجدت قبلهم بآلاف السنين أمم سامية أخرى.
أما اللغة العبرية، فقد كانت - كما أوضحنا قبلا - في مقدمة اللغات السامية، فقد كانت شائعة قبل نشوء الإسرائيليين؛ إذ كانت لغة فلسطين الكنعانية ولغة بعض قبائل طور سينا والأردن، ومنها بنو أدوم وعمون وموآب وقبائل عماليقية ومديانية وإسماعيلية. ومن هذه الأقوام ظهرت بطون الإسرائيلين في طور سينا وأطراف الحجاز كما أوضحه كتاب «العلاقة بين العرب والإسرائيليين قبل ظهور الإسلام»، بالإنجليزية، للمستشرق مارجوليوث.
ثم إن اللغة العبرية أخذت تضمحل على أثر الحوادث السياسية، فنهضت الآرامية، وهي إحدى اللهجات الكنعانية، وأصبحت أغلب بطون فلسطين وسوريا والعراق وطور سينا تتكلم الآرامية، التي أخذت في الانكماش منذ نحو ميلاد المسيح أمام نهضة اللغة العربية، مما كان من أثره اتجاه القبائل الآرامية والعبرية إلى الاندماج في العنصر العربي شيئا فشيئا.
هذا؛ ويؤخذ من مؤلفات المستشرقين أمثال مان جوليوث في كتابه سالف الذكر، ودوزي في كتابه «الإسرائيليون في مكة»، وبيرني في كتابه «إقامة إسرائيل في كنعان»، وجلازر في كتابه عن بلدان شبه جزيرة العرب، وبعض أسفار التوراة أن اليهود سكنوا منذ التاريخ البعيد أطرافا في بلاد العرب، قال صاحب الأغاني في الجزء 11 ص94: «كان ساكنو المدينة في أول الدهر قبل بني إسرائيل، قوما من الأمم الماضية يقال لهم العماليق، وكانوا قد تفرقوا في البلاد، وكانوا أهل غزو وبغي شديد، وكان ملك الحجاز منهم يقال له الأرقم ينزل ما بين تيماء إلى فدك، وكانوا قد ملئوا المدينة، ولهم بها نخل كثير وزرع، وكان موسى بن عمران قد بعث الجنود إلى الجبابرة من أهل القرى يغزونهم، فبعث موسى إلى العماليق جيشا من بني إسرائيل، وأمرهم أن يقتلوهم جميعا، إذا ظهروا عليهم، ولا يستبقوا منهم أحدا، فقدم الجيش الحجاز ...»
وفي التوراة ما يؤيد وجود العلاقة بين بلاد فلسطين الكنعانية وبين البلاد العربية.
وعند «إسرائيل ولفنسون» - مؤلف «تاريخ اليهود في بلاد العرب» - أن تاريخ الإسرائيليين مع العرب قسمان أو طوران؛ أولهما: يشمل حوادث لبطون إسرائيلية بائدة في بلاد العرب إلى بداية القرن الخامس قبل الميلاد. أما ثانيهما فيتناول أخبار جموع من اليهود كان لها شأن عظيم في تاريخ شبه جزيرة العرب، وهذا الطور ينتهي بإجلاء عمر بن الخطاب لآخر الطوائف اليهودية من الجزيرة العربية.
Bog aan la aqoon