لما تألفت الحملة بمصر وأرسلت إلى السودان، نيطت قيادتها العامة بضابط مصري هو سليمان نيازي باشا، وتعين هكس باشا أركان حرب وقائدا ثانيا لها، ودامت هذه الحالة إلى أن انتصر الجيش في واقعة المرابيع في 29 أبريل عام 1883.
وكتب عنها السير فرنسيس ونجت باشا في كتابه «المهدية في مصر والسودان»، ص75، ما ترجمته:
طهر النصر البلاد من الثوار بين الخرطوم وسنار، وعادت قبائل كثيرة وقدمت الطاعة إلى الحكومة. وصار هكس في حالة تمكنه من توجيه النظر إلى كردفان منبع الثورة، غير أنه كان عليه قبل هذا أن يزيل من طريقه العراقيل التي كان يلقيها له كبار الموظفين في الخرطوم بعدما مرت ساعة الخطر الوقتي، فشمر عن ساعده، وحارب هذه الدسائس محاربة طويلة استغرقت شهر مايو ويونيو ويوليو، ولم تستبعد الحكومة أكبر عائق يقوم في وجهه - ألا وهو سليمان نيازي باشا - إلا بعد أن قدم هكس استقالته. وعلى إثر ذلك حل محله، فأصبح هكس باشا القائد العام للحملة التي سترسل إلى كردفان. ا.ه.
فماذا يستطاع أن يستنتج من هذا غير أن هكس باشا كان يريد أن تكون يده هي العليا في كل أمر، ورأيه فوق كل رأي؛ فقدم استقالته لكي يزال من أمامه أكبر مخالف له، ألا وهو سليمان نيازي باشا، الضابط الوحيد الذي يعلوه، فيقال من منصبه ليخلو له الجو.
ولا مساغ للشك في أن تغييرا له مثل هذه الأهمية لا يمكن حدوثه إلا بتدخل قوي من قنصل بريطانيا العام بالقاهرة، وهذا مما يبرر إلقاء المسئولية الكبرى على حكومة إنجلترا.
فمن البديهي إذن ألا يجد اللورد كرومر شيئا مما توقعه من هكس باشا؛ لأنه هو الذي اختط خطة هذه الحملة، وهو أيضا الذي دبرها. ولو كان الأمر على خلاف ذلك لكان من واجبه أن يلفت أنظار الحكومة التي يعمل لها للأخطار التي تقف في سبيله، ثم يقوم بواجبه بعد بيانها كجندي.
ويظهر فوق ذلك أن الضباط الإنجليز أنفسهم عندما أمعنوا في تلك الصحاري لاح لهم شبح خطئهم، غير أنه لسوء الطالع كان قد قضي الأمر وسبق السيف العذل.
والدليل على صحة ما تقدم ما دونه سلاطين باشا في كتابه «السيف والنار»، ص241، قال:
بعد وقت قليل وصلت إلي مذكرات أمير الألاي فركهار
Colonel Farquhar
Bog aan la aqoon