Masala Kubra
المأساة الكبرى: رواية تشخيصية في الحرب الحاضرة
Noocyada
لم يقل سوى أنها سياحة تعرف، وأنا أرى أن الأرشيدوق ولي العهد يتوقع من دقيقة إلى أخرى أفول نجم ذلك الشيخ الفاني الإمبراطور فرنسيس يوسف، فهو يريد أن يتبين أحوال الأمم في مملكته؛ ليعرف كيف يحكمهم بيد من حديد، وحضرتكم تعلمون أن ولي العهد شديد، وهو تلميذ إمبراطورنا وصديقه الحميم.
المستشار :
يظهر أن هذا الفصل هو فصل السياحات الملوكانية، إمبراطورنا غائب في ستوكهلم، وبوانكاره في روسيا، وولي عهد النمسا يجول في مدن بلاده، وملك الإنكليز هذا مشغول اليوم بحرب الأحزاب في إيرلندة.
يا للعجب من تماسك هذه السلطنة الضخمة حتى الآن! وهي في يقيني لا تمسكها إلا خيوط من عنكبوت، وأرى أنها أشبه بصنم هائل من خزف، فأقل شيء يسحقه إلى الأرض، أليس كذلك يا حضرة الوزير؟
الوزير (للمستشار) :
أنا أعلم أن مستعمرات الإنكليز غير مخلصة لهم، والمسلمون من أهلها لا يحبونهم مع كل توددهم الزائد لهم، والإغضاء عن هفوات تركيا ضدهم، ورغبتهم الزائدة في أن تبقى الأستانة عاصمة بيدهم مهما يكلفهم ذلك، خذ المصريين منهم، فإنهم لم يروا من عهد الفتح عصرا صلحت فيه أمورهم مثل عصر الاحتلال الإنكليزي، ومع ذلك فهم لا يفتئون يحركون ضدهم، ولمصلحة من يا ترى؟ لمصلحة الأتراك الذين أفنوهم، ولمصلحة الحكومات الأخرى التي أزهقتهم. ويعجبني من ناشئتهم إذ يقولون إن الإنكليز سلبوهم استقلالهم وسعادتهم. فهل الحالة التي كانوا فيها استقلال وسعادة؟ كان عددهم على عهد إسماعيل ثلاثة أو أربعة ملايين، فصار اليوم يربو على الاثني عشر مليونا، كان فدان الأرض يساوي عشرات الجنيهات، ولا من يشتري، فصار يساوي مئاتها، ولا من يبيع، وهل إذا طمحوا إلى استقلال حقيقي، ورحل الإنكليز عنهم يستطيعون أن يذودوا عن أنفسهم من احتلال آخر، وهم لا يملكون شيئا من أسباب الاستقلال أمام سائر الدول التي تدعوها مصالحها للتداخل في شئون مصر والمصريين؟ على أن ذلك يخدمنا في مصالحنا نحن، فعلينا ألا ندع الفرصة تضيع منا.
المستشار :
ولكن الأرض تخرج من أيدي المصريين.
الوزير :
وعلى من الذنب؟
Bog aan la aqoon