وهرب باراتيري وواصل منليك زحفه ودخل إريتريا واستولى على حصن كبير «أدي أوجري»، وحاصر الجنرال برسنتاري وحمله على التسليم في مايو سنة 1896.
وعينت الحكومة الإيطالية الجنرال بالديسيرا، وأراد أن يتقدم بجيش عدده 30000 ألف جندي، ولكنه وجد الهزيمة محققة، وأشار على حكومته بالصلح، فذهب وفد إيطاليا في 26 أكتوبر سنة 1896 إلى أديس أبابا وهناك عقدت معاهدة بين إيطاليا والحبشة اعترفت فيها إيطاليا باستقلال الحبشة استقلالا تاما.
هذا وقد تسلم منليك غرامة قدرها 700000 جنيه إنجليزي، وأطلق سراح الأسرى الإيطاليين، وكان عقد المعاهدة في أديس أبابا في 26 أكتوبر سنة 1896، وعقدت بعدها معاهدات واتفاقات أخرى في صدد تحديد التخوم بين الحبشة وإريتريا.
هذا وفي الحبشة جاليات أجنبية من جميع الجنسيات، ومنها جاليات عربية ولبنانية وسورية ويونانية وأرمنية، وأكثر أفرادها تجار، ومنهم من جمع ثروة كبيرة.
وفي الحبشة بعثات تبشيرية لمختلف الأديان، ولا سيما البروتستانتية الأمريكية. وبعثات تجارية لمختلف الدول. وقد عقدت البعثة الإنجليزية - التي كان يرأسها السير رنل رود - معاهدة صداقة مع الحبشة في 15 مايو سنة 1897. وللبعثات مدارس ومستشفيات وملاجئ.
ورأس الدجاز «تاساما» بعثة أوربية في عضويتها مسيو فايفز ومسيو بوتو السويسري ومسيو أوتوموتوف الروسي، واجتازت الحبشة إلى نهر النيل عند مصب نهر السوباط في يونيه سنة 1898، وبعد أيام وصل إليه الماجور مارشان الذي صار جنرالا فرنسيا وهو صاحب مسألة فاشودة.
وقد عينت الدول ممثلين لها في العاصمة الحبشية، فكان السير هارنجتن قنصلا جنرالا لإنجلترا فوزيرا مفوضا، وعين الآن آخر في محله.
وعقدت بعثة أمريكية سنة 1903 معاهدة تجارية بين الولايات المتحدة والحبشة، وعقدت بعثة ألمانية سنة 1905 معاهدة تجارية مع الحبشة، وعين وزير مفوض ألماني لدى إمبراطور الحبشة منذ عشرين سنة.
وقد وضعت إنجلترا وفرنسا وإيطاليا اتفاقا في ديسمبر سنة 1906 جاء فيه: «إن مصالح هذه الدول الثلاث تقضي بالمحافظة على سلامة أملاك أتيوبيا». وقضت المادة الأولى من الاتفاق على التعاون بينهم في المحافظة على كيان أتيوبيا من الجهة السياسة وسلامة أراضيها، ونصت على أنه إذا وقعت طوارئ تخل بالكيان السياسي للحبشة فإن هذه الدول تتفق على صيانة مصالحها الخاصة، وقد تم الاتفاق في شهر يوليه سنة 1906، وأبلغ في الحال إلى النجاشي، وقد رد الإمبراطور منليك على تبليغ الدول بأنه يشكر لها نياتها الطيبة ويشترط أنه لا يكون من شأن هذه الاتفاقية الحد من حقوق سيادته، ثم عين في شهر يونيه سنة 1908 حفيده لوج ياسو وليا لعهده. وقد تقرر في الاتفاقية المذكورة أن تكون السكك الحديدية في الحبشة دولية، وليس في الحبشة سوى سكة حديدية واحدة بين أديس أبابا وميناء جيبوتي الواقع في الصومال الفرنسي ولا تسير القطارات إلا نهارا، وتقف عند إحدى المحطات ليلا، ويستغرق مسيرها بين جيبوتي وأديس أبابا ستة أيام.
الفصل الأول
Bog aan la aqoon