الحرب وما تلاها
في 15 أغسطس سنة 1914 أعلنت الحكومة المصرية أنها رخصت للسلطات الحربية البريطانية بممارسة حق الحرب في الموانئ والأراضي المصرية، وأصدر القائد العام للجيوش البريطانية أمرا بمنع أية سفينة من سفن الأعداء من الدخول في القناة، على أن الحرب بين تركيا - التي كانت صاحبة السيادة على مصر وقتذاك - وبين بريطانيا المحتلة لمصر لم تبدأ إلا من 5 نوفمبر سنة 1914. وفي ديسمبر سنة 1914 أعلنت بريطانيا الحماية على مصر «نظرا إلى حالة الفتن الناشئة من عمل تركيا»، وحصنت القناة ودافعت عنها، وفضلا عن ذاك فإن البحرية البريطانية مارست العمل في الأميال الثلاثة بحجة أن السفن التي تسير في القناة قد تكون حاملة لمواد هدمها، وكان يمكن نقل المواد المهربة التي يحتمل العثور عليها أثناء هذا التفتيش عن طريق القناة بدون معارضة غير أن السفن البريطانية كانت تصادرها في الحال خارج حدود ثلاثة الأميال.
ومهما كان من اختلاف وجهات النظر بالنسبة لحق مصر وبريطانيا في تغيير اتفاقية سنة 1888 بهذا الشكل أبان الحرب، فإن معاهدات الصلح بعد الحرب اعترفت بهذه الاتفاقية، كما وقعتها ألمانيا وتركيا والنمسا والمجر - ولا تزال سارية المفعول - ووافقت الدول المنهزمة على نقل السلطات الخاصة التي منحت للسلطان بمقتضى هذه الاتفاقية إلى بريطانيا، كما اعترفت المعاهدات بالحماية البريطانية التي فرضت على مصر. على أنه في معاهدة لوزان سنة 1923 تنازلت تركيا فقط عن «جميع الحقوق والسيادة أية كانت، على المناطق الواقعة خارج الحدود». المبينة في المعاهدة، وتركت تسوية المسائل التي قد تثار من جراء الاعتراف بالحماية البريطانية على مصر إلى «مفاوضات تجري بعد ذلك بطريقة تبين فيما بعد بين الدول التي يهمها الأمر».
فالمسألة حينئذ هي: هل بريطانيا ومصر هما فقط الدولتان اللتان يهمهما الأمر أو كل الدول التي وقعت اتفاقية سنة 1888؟
وقد أنهت الحكومة البريطانية في سنة 1922 الحماية على مصر، وأعلنت أن مصر «دولة مستقلة ذات سيادة» على أنها احتفظت احتفاظا مطلقا بما يأتي: (أ)
تأمين المواصلات الإمبراطورية البريطانية في مصر. (ب)
الدفاع عن مصر ضد كل تدخل أجنبي، أو اعتداء مباشر أو غير مباشر. (ج)
حماية المصالح الأجنبية والأقليات في مصر. (د)
السودان.
ولم تقبل الحكومة المصرية هذه التحفظات، ولكن من الواضح أن هذه التحفظات تشمل حماية قناة السويس بواسطة بريطانيا.
Bog aan la aqoon