تؤلف هذه المحكمة من 15 قاضيا، وينص نظامها بأن تظل عاملة إلا في الإجازات السنوية التي تقررها، وينتخب أعضاؤها لمدة 9 سنين من قبل الجمعية العمومية للعصبة.
ومن اختصاص العصبة منح انتداب أو وصاية للدول الأعضاء على غيرهن.
قناة السويس، وهل تغلق؟
منذ قديم الزمان فكر المصريون ومن حكموا مصر في وصل البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر بترعة، وكان من رأي أسرتسن الثالث من ملوك الأسرة الثانية عشرة حفر خليج يستمد ماءه من فرع النيل الشرقي «فرع دمياط»، وقد أنشأ هذا الخليج. ولكن كانت الرمال التي يجري فيها تطمره، وأعاده سيتي الأول ونخاو الثاني وبطليموس الثاني ودارا الأول، ثم أعاده عمرو بن العاص وسماه خليج «أمير المؤمنين»، ولما ولي أبو جعفر المنصور الخلافة ردم الخليج حتى لا تجري فيه المياه إلى محمد بن عبد الله بن الحسن المتمرد عليه في الحجاز.
وفكر نابليون الأول وهو في مصر في إنشاء قناة تستمد ماءها من البحرين لا من النيل، وأخفق المهندس الفرنسي لابير في تحقيق الغرض بحجة أن سطح البحر الأحمر يعلو سطح البحر الأبيض المتوسط بتسعة أمتار أو عشرة. وعرضت بعثة فرنسية على «محمد علي الكبير» تحقيق المشروع؛ فأبى قائلا: «لا أريد أن أخلق في مصر بسفورا آخر.» مشيرا إلى ما أثاره بسفور تركيا من متاعب لها.
وتمكن المهندس فردناند ماتييه ديلسبس
1
نائب قنصل فرنسا في مصر من إقناع محمد سعيد باشا بتحقيق المشروع؛ فصدر ديكريتو «أمر عال» في 20 نوفمبر سنة 1854، ثم ديكريتو آخر في 5 يناير سنة 1856، ثم لائحة في 20 يوليو سنة 1856 بالمضي في المشروع وشروطه. ومن مواد الامتياز:
أن تتألف شركة مدة امتيازها 99 سنة تبدأ من افتتاح القناة، وبعد المدة تصبح ملكا للحكومة المصرية، وتحفر الشركة ترعة عذبة تخرج من النيل عند القاهرة، ولها فرعان عند الإسماعيلية: فرع إلى الشمال إلى بورسعيد، وفرع إلى الجنوب إلى السويس. وتكون الترعة ملكا للشركة، وتمنح الحكومة للشركة - بدون مقابل - الأراضي البور التي تحتاج إليها الشركة لمهمتها في حفر القناة وإقامة المباني، وأن يكون أربعة أخماس عمال الحفر من المصريين، وتعطي الشركة لهم أجرا: قرشان لمن دون الثانية عشرة، وقرشان ونصف أو ثلاثة للأكبر سنا. وتلزم الحكومة بتقديم العمال «20 ألفا» وإلا لزمها التعويض، وتكون الشركة مصرية تخضع لقوانين البلاد، وتقسم أرباحها: 15 في المائة للحكومة المصرية بعد خصم فوائد أموال المساهمين بنسبة 5 في المائة لمؤسسي الشركة، و75 في المائة للمساهمين والمديرين والعمال، وتكون القناة حرة لنقل أية سفينة تجارية بغير استثناء بشرط دفع الرسوم المقررة، وكان الباب العالي معارضا في المشروع، وكذلك عارض الإنجليز بشدة بحجة أن القناة ستكون خطرا على الهند وتعطي نفوذا لفرنسا.
وفتح ديلسبس باب الاكتتاب في أسهم الشركة - وقدرها 400000 سهم - ثمن السهم 500 فرنك، والثمن كله 200 مليون فرنك. اشترت فرنسا الجزء الأكبر واشترى سعيد الجزء الباقي.
Bog aan la aqoon