أحملك وأسرع بك فأجاب إلى ذلك فرجع الحمار إلى ابن آوى فنط ابن آوى عليه فركبه وجعل الحمار يعدو به بنشاط وابن آوى يدله على الطريق فلما قربا من الأجمة رفع الحمار بصره فرأى الذئب قاعدًا على مكان ينتظره فعرف الحمار أن ذلك مكيدة وحيلة فقال: تأتي الخطوب وأنت عنها غافل فاستحضر عقله وعرف أنه غفل عن نفسه فكأنه كان الساعي للهلاك بنفسه والباحث عن حتفه بظلفه وإن أهمل أمره فقد سبق للجناية على تلف روحه وهلاك نفسه. ثم وقف يريد أن يتفكر فقال له ابن آوى: ما لك وقفت؟ أسرع لئلا يدركنا أحد فقال الحمار: يا أخي قطعت علائقي وجئت وما ورائي تبعة ولا علقت وقد عزمت على الرجوع والأخذ في قطع علائقي وحمل ما لي من الأثاث فإني إذا رأيت هذه الروضة وسكنتها لا أقدر على مفارقتها أبدًا فتضيع إذ ذاك مصلحتي فقال له ابن آوى: يا أخي لا توخر أو أوقات السرور إلى غد لأن للتأخير آفات، فقال الحمار: لابد من ذلك ولكن أعظم الدواعي للرجوع وصية كان أوصاني بها أبي وكنت لا أفارقها أبدًا وإذا جاء الليل وضعتها تحت رأسي وإن لم تكن تحت رأسي لا يحينني نوم ولا يقر لي قرار إن نمت بغيرها وأرى منامات مهولة وتغلب على دماغي السودا وتلك الوصية هي حل القصد فإذا أنا قد حصلتها وجئت بها فما علي من غيرها فإني لا أجد مثل تلك الروضة ولا أحسن من ترهتها ولا ثمارها ولا ريحها ولا رفيقًا مثلك صالحًا. ثم أخذ في الرجوع فقال ابن آوى: في نفسه إن تركت هذا الحمار يرجع وحده لا يعود لنا ويفوت المقصود وأداه فكره إلى الرجوع معه ولا يفارقه فربما تتم الحيلة معه ثم قال للحمار شوقتني يا أخي إلى رؤيا هذه الوصية ولا بد لي من الوقوف عليها
1 / 31