﴿قاتلوهم يعذبهم الله بِأَيْدِيكُمْ﴾ فَهُوَ المعذب الموجد للعذاب. فَمَا أجري على أَيدي السادات الصحاب، وَقَالُوا بِهِ الْمجد وَالثَّوَاب، بالهمم العوالي والاكتساب - وَكَذَلِكَ قَوْله ﷿ لنَبيه الْكَرِيم المبجل ﷺ [قل هَل تربصون بِنَا إِلَّا إِحْدَى الحسنيين وَنحن نتربص بكم أَن يُصِيبكُم الله بِعَذَاب من عِنْده أَو بِأَيْدِينَا] أَي بِعَذَاب ينزله من السَّمَاء أَو يظهره فِي الأَرْض بِغَيْر وَاسِطَة سَبَب بصاعقة أَو خسف أَو غير ذَلِك مِمَّا بِهِ العطب أَو بِوَاسِطَة أَيْدِينَا رميا وَضرب وطعنا بالقذاء وَيكون هُوَ المعذب. كَمَا قَالَ جلّ وعل ﴿وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى﴾ وَقد صرح بِمَا ذكرنَا من الْخلق وَالْكَسْب قَول الْبَارِي قَالَ ﴿فَإنَّا قد فتنا قَوْمك من بعْدك وأضلهم السامري﴾ فيا لَيْت شعري مَا جَوَاب الْمُعْتَزلَة عَن هَذَا وَأَمْثَاله وماذا عَسى أَن يجيبوا فيا ليتهم فَهموا قَوْله تَعَالَى ﴿ثمَّ تَابَ عَلَيْهِم ليتوبوا﴾ فيرجعوا عَن اعْتِقَادهم الْبَاطِل وَإِلَى الْحق ينيبوا ويتحققوا الْحق فِي قَول الْحق حاكيا عَن الكليم الَّذِي فَضله [فتنا إِن هِيَ إِلَّا فتنتك تضل بهَا من تشَاء وتهدي من تشَاء] وعَلى الْجُمْلَة فَلَيْسَ يُؤثر فِي جَمِيع الْوُجُود إِلَّا قدرَة الموجد لحل مَوْجُود وَلَا يَقع من جَمِيع الْأَشْيَاء فِي ملكه مَا لَا يَشَاء فَلَو لم يرد من أحد عصيانا لما خلق لكل إِنْسَان شَيْطَانا. بل مَا كَانَ يخلق للعتاب نَارا وَلَا يُسَمِّي نَفسه غفارًا.
1 / 28