ولما حلت الأحزاب التي طالما حمل عليها، حزن على الوفد حزنا غير مفهوم وقال: وكيف تمضي البلاد بلا قاعدة شعبية؟!
وقال أيضا: التضحية بالحرية فعل مؤقت معقول من أجل الشيوعية، ولكننا نسير بلا حرية ولا شيوعية!
ولما حاربت الحكومة الشيوعيين والإخوان المسلمين قال: ها هم يقضون على القوى الإيجابية في الأمة؛ فلا شيوعية، ولا إخوانية، ولا أحزاب، فعلى من يعتمدون في تحقيق سياستهم؟ ولم يبق إلا الموظفون المأجورون، وسيقيمون بنيانهم على قوائم من قش.
حتى الشيوعيون أنفسهم لم يكونوا بأحظى عنده من غيرهم، وما نالوا عطفه إلا في فترات الاعتقال أو السجن، وسرعان ما يرميهم بالتفسخ والانحلال والسقوط، واقتنعت أخيرا بأنه شخص غريب خلق ليكون معارضا، حبا في المعارضة قبل كل شيء، فإذا كانت الدولة إقطاعية فهو شيوعي، وإن تكن يسارية فهو محافظ، أجل محافظ! فعندما ساند الاتحاد السوفييتي الثورة، وعاونها في الحرب والسلام، سمعت منه ما لم يجر على بال، قال مرة والحنق يلتهم قلبه: الشيوعية نظام عظيم حقا ولكن ما هو الإنسان الشيوعي؟ .. هو شيء ميكانيكي لا إنسان حي!
وبغير حياء سألني مرة: لم يود الناس أن يهاجروا إلى الولايات المتحدة؟
فأجبت بسخرية واضحة: لأنهم يجدون هناك الخبز والحرية!
فقال بامتعاض: لا قيمة للحياة بلا حرية فلا تكن متعصبا.
فقلت وأنا أضحك: أنت الذي علمتني ذلك!
فقال بمزيد من الامتعاض: متنا .. متنا .. فمتى نبعث؟
وقلت له بشيء من الصراحة: أحيانا يتعذر فهمك.
Bog aan la aqoon