فقال جاد أبو العلا: من المؤسف أن الفن لم يقدم لنا بعد نموذجا من هذا الجيل، كم أود أن أسبق إلى ذلك!
فقلت له: إنه يتقدم بلحمه ودمه فوق مسرح حياتنا المسكينة!
فقال عبده البسيوني مخاطبا ابنه: إنكم تحلمون بالهروب والسفينة تواجه العاصفة!
شعرت بأن عبده غير جاد في معارضته، وأنه لا يحسن إخفاء إعجابه بابنه، وهز الدكتور بلال منكبيه استهانة، فأيقنت أنه يمثل موقفا جديدا من «الوطنية»، تلك الأمانة القديمة التي أرهق جيلنا حملها. وقال بلال ضاحكا وقد ذكرتني ضحكته بأمه: الحق أني أحلم بهيئة علمية تحكم العالم لخير العالم.
فسألته: وماذا عن القيم؟ .. العلم لا يتعامل معها، وحاجة الإنسان إليها لا تقل عن حاجته إلى الحقائق.
فنظر إلي فيما يشبه العجز ثم قال: يجب ألا يعني ذلك التمسك البائس عديم الجدوى بقيم بالية، إنكم لا تتمسكون بها إلا خوف المغامرة بالبحث عن غيرها، والعلم لا يعطي قيما، ولكنه يضرب مثالا حسنا في الشجاعة، فعندما تهاوت الحتمية الكلاسيكية كيف نفسه برشاقة فوق أرض الاحتمال، وتقدم لا ينظر إلى الوراء.
فقال جاد أبو العلا: من العبث أن تناقش قوما ليس بينك وبينهم لغة مشتركة.
فقلت وقد أخذ رأسي يحمي بالحدة: إنكم تودون الهجرة إلى الحضارة بدل أن تنموها في أرضكم.
فقال محتدا: الإنسان في الأصل كائن مهاجر، وما الوطن إلا المكان الذي يوفر لك السعادة والازدهار، لذلك لا تقبل على الهجرة إلا الصفوة، أما المتخلفون ...
وتوقف كالمتردد فقلت: أما المتخلفون فيحسن التخلص منهم!
Bog aan la aqoon