فغمغمت: يا لها من كارثة! - لم أزرك بدافع غضب أو انتقام. - ولكني أموت أسفا وحزنا. - لا ذنب عليك.
ثم بامتعاض شديد: وما أنت إلا آخر صيد لها! - ماذا؟ - مرة ومرة ومرة، وفي كل مرة أتدخل لإنقاذها من التدهور، لإنقاذ مستقبل ابني وابنتي. - يا لها من حياة! ... ولكن ...
وتريثت مرهقا ثم عدت أتساءل: ولم تتحمل ذلك كله؟ - لا مفر، إني أرفض تطليقها رغم مطالبتها به. - لم؟ - هي أم ابنتي وابني، وهما في طور المراهقة، والطلاق يعني لها التدهور حتى الاحتراف! - قد تتزوج مرة أخرى. - لم تعد أهلا لذلك! - موقف عسير محزن. - لذلك فإني مصمم على استردادها، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ومن حسن الحظ أن حياتي في باريس لم تضع هدرا!
فقلت بحزن: ما أبغض الحياة إذا فسدت! - أجل، لعلها حدثتك عني، وعندي أيضا ما أقوله، ولكني مصمم على إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
فقلت متأسفا: ما تصورت يوما أن أقف منك موقفي هذا!
فلم يكترث لأسفي هذه المرة. أشعل سيجارة وراح يدخن متفكرا، بدا لي هرما متهدما، ثم نظر إلي قائلا: أنت تذكر بلا شك حياتي الماضية!
أجل أذكر، زمالته في الجامعة، سفره إلى باريس في بعثة خاصة على حسابه، عودته بعد عامين أو ثلاثة بلا نتيجة، انتخابه عضوا بمجلس النواب، تمتعه بجاه الأسرة والحزب والنيابة، قلت: طبعا أذكرها.
فقال: لما قامت ثورة يوليو لم أجد تناقضا بينها وبين فكري الحر. - معقول جدا. - وعملت في نطاقها بإخلاص، ولكني اتهمت ظلما في مؤامرة اتهم بها بعض أقطاب الحزب فقبض علي حينا ثم صودرت أملاكي.
وجمت لا أجد ما أقوله فقال: وجدت نفسي في الطريق متسولا! - ولكن حرمك ذات مال!
فضحك قائلا: أفقر من الفقر نفسه، لها خالة غنية ولكن لها وريثا، ولعلها كذبت عليك في ذلك أيضا.
Bog aan la aqoon