فقلت متوثبا للدفاع: لم يعد عيبا ما كان يعد عيبا على أيامنا.
فهرش رأسه قليلا ثم قال: أود أن أتخيل كيف تكون الحياة مع زوجة مثلها؟
فقلت: إن نسبة الطلاق في هذه الأيام أقل من نظيرتها على أيامنا، وكذلك نسبة تعدد الزوجات!
فقال ضاحكا: الظاهر أنك رجل عصري رغم كهولتك؟ - أود لو كنت من أبناء هذا الجيل، لا استخفافا بمتاعبه ولكن لتخففه من كثير من العقد التي نغصت علينا صفو الحياة.
وقد قلت مثل ذلك لصديقي رضا حمادة، وهو أقرب أصدقائي القدامى إلى المحافظة، فسألني عما أعني فقلت: تبادل الحب في جو من الصراحة الصحية خير من الكبت والتقلب بين أذرع البغايا.
فقال بارتياب: يخيل إلي أن الحب كالديمقراطية أصبح معدودا من المهازل البائدة!
وكنت أرهف السمع كلما دار الحديث بين الشباب في إدارتنا، ومن كلمات متناثرة أدركت أشياء لا بأس بها، خاصة عن كاميليا التي استحوذت على اهتمامي أكثر من غيرها لحداثتها، فأسرتها مثلا متوسطة وهي أول من توظف من إخوة خمس، وليس من الصعب تخيل المتاعب التي تعانيها أسرة من ذلك النوع والدرجة، ولا المتاعب التي تتحدى الفتاة كإنسانة مستقلة ومسئولة عن نفسها وربما عن أسرتها جزئيا، وما تطالبها به الحياة العصرية من نفقات، وما يطالبها به المستقبل كفتاة تتطلع إلى عريس محترم، ولذلك فإن اهتمامها بالشئون العامة اهتمام سطحي، وهي تسلم بأشياء تسليما واقعيا دون تفكير ولا إيجابية مثل الدين والثورة، ولكن حياتها الخاصة هي شغلها الشاغل، وما حياتها إلا الحب والزواج وثمرات الحضارة الحديثة.
وندر أن صادفتنا أنثى تهتم اهتماما حقيقيا بالدين أو الفلسفة أو السياسة، ولعل تفسير ذلك أننا لا نزامل منهن إلا الأوساط أما النابغات فلهن طريق آخر في الجامعات أو الحياة العامة، وللدكتور زهير كامل رأي في الموضوع. قال: عدم اهتمام المرأة بالعقائد والفلسفات يقطع بأنها - العقائد والفلسفات - معطلة للنشاط الحيوي الحقيقي.
وقال أيضا: المرأة لا تعنى إلا بالخلق وما يتعلق به، هي خالق جميل، الخلق محور حياتها كلها، أما ما عدا ذلك من نشاطات فهي من صنع الرجل وهي ضرورية للسيطرة لا للخلق!
وقال أيضا: الدنيا هي هدف المرأة ومعبودتها، وبمعنى آخر هي هدف الخلق، وهذا يدل على أننا خلقنا لنهتم بالدنيا دون سواها، وأن كل ما عداها باطل، وأن الخلود يجب أن يتحقق فيها، ولو أن الأديان تصورت الله على صورة امرأة لأهدتنا حكمة جديدة هي السعادة الحقيقة!
Bog aan la aqoon