فقال الرجل في حيرة: ولكن ذلك يخالف التعليمات!
فقال بثقة: لا نص في التعليمات على ذلك!
وتداولنا إن كان ذلك يجوز أو لا يجوز دون أن نهتدي إلى علاج. وزاد الحرج عندما فاجأنا الوزير الوفدي الجديد بزيارة تفتيشية، ولما رآه الوزير ظنه ساعيا فقال له: ألم يصرفوا لك بدلة السعاة؟
فأجاب بإيمان: أنا موظف يا معالي الباشا، ولكني لا أملك ثمن بدلة جديدة!
فدهش الوزير وسأله عن وظيفته وشهادته ومرتبه وعدد أولاده الذين بلغوا التسعة عدا في ذلك التاريخ، ثم سأله ضاحكا: أليس لك هواية إلا الإنجاب؟
فقال فتحي بجرأته المعهودة: أنا من شعب الوفد ولن أضام في عهدكم!
وقد منحه الوزير علاوتين استثنائيتين، ثم أدركته علاوة الغلاء التي تقررت لأول مرة، فاشترى بدلة ولكن حاله لم تتحسن إلا قليلا. وذات صباح همس لي عم صقر وهو يقدم لي القهوة: أخيرا وفق ابن الشحاذة!
فسألته: فتحي أنيس؟ - نعم. - كيف؟ - سيتزوج من أرملة غنية جدا. - حقا؟ .. وجميلة؟
فضحك قائلا: عمرها ستون عاما، وهي في الجملة كالمومياء!
وصح الخبر كجميع أخبار عم صقر، وتزوج فتحي من أرملة عجوز تركية مستحقة في وقف كبير، وقيل إنه تزوج بموافقة زوجته الأولى إيثارا لسعادة الأولاد على نفسها. وتغير حاله بصورة ملموسة، وظهرت عليه النعمة في ملبسه وصحته ورونقه، ورغم كل شيء أثار حسد الكثيرين، وكان عباس فوزي يتهكم به فيسأله: كيف طاوعتك نفسك على معاشرة مومياء؟
Bog aan la aqoon