وباطل ما كانوا يعملون (1).
ودخل ضرار بن صرد على معاوية فقال: صف لي عليا؟
فقال: أو تعفيني عنه؟
قال: لا، وحياتي إلا وتفعل.
فقال: كان والله صواما بالنهار، قواما بالليل، يحب من اللباس أخشنه، ومن الطعام أجشبه، كان يجلس فينا كأحدنا، ويبتدؤنا إذا سكتنا، ويجيبنا إذا سألنا، يقسم بالسوية، ويعدل في الرعية، لا يخاف الضعيف من جوره، ولا يطمع القوي في ميله.
والله! لقد رأيت ليلة من الليالي، وقد أسبل الظلام سدوله، وغارت نجومه، وهو في المحراب، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، ولقد رأيته مسبلا للدموع على خده، قابضا على لحيته، يخاطب دنياه فيقول:
«آه يا دنياء! أبي تشوقت، ولي تعرضت، لا حان حينك، فقد بتتك بتا لا رجعة لي فيك، فعيشك حقير، وخطرك يسير، آه من قلة الزاد، وبعد السفر، وخشونة الطريق، وهول المطلع».
فبكى معاوية، وقال: كان والله كذلك! فكيف حزنك بعده؟
قال: حزن واجدة، ليس لها إلا قرة عين، شآب على الكمال، نحر في حجرها، كيف تحزن؟ فأنا عليه كذلك.
وفيه ورد: أنه اشترى قميصين بثمانية دراهم، واحدا بخمسة، وآخر بثلاثة، فألبس غلامه ما اشتراه بخمسة، ولبس ما اشتراه بثلاثة، فنظر وإذا كمه أطول من
Bogga 104