لأن ذلك إخبار عن الحال لا عن العاقبة عند شيوخنا (1)، فإن فيهم طلحة والزبير، وقد فسقا بخروجهما على أمير المؤمنين، ونكثهما بيعته، سواء قيل إنهما تابا أم لا.
وبعد، فلأن عثمان وعمر إنهزما يوم احد، وتركا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونكثا بيعة الرضوان، وفي علي ذلك اليوم حديث ذي الفقار، و[هو] حديث «لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار» (2).
وفيه أن جبرئيل قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله):
هذا هو المواساة؟
فقال: «من أولى بها منه، وهو مني وأنا منه كهارون من موسى، اللهم اشدد أزري بعلي، كما شددت أزر موسى بهارون».
فكيف يقطع على باطن قوم كانت منهم هذه الامور؟
وقوله: «لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة» (3) فاخبار عن الحال، ورضى منهم ببيعتهم، وعلم ما في قلوبهم من الإخلاص له في الحال، وليس فيه أنهم يبقون على ذلك الرضى أبدا.
وله مزية اخرى في باب الإيمان، وهي إنه بقي بعدهم، وعمر طريق مكة، وأخرج بينبع مائة عين، واشترى ببعضها ألف نسمة فأعتقها، ووقف الباقي إلى يومنا هذا، وكان مع ذلك يصوم النهار، ويصلي في الليل والنهار ألف ركعة، وجاهد الناكثين والقاسطين والمارقين، وسن السير والأحكام، وبث العلم، ونشر الخطب والمواعظ، وكل ذلك مزايا لأيمانه على إيمان القوم، فهذا الاشتراك يفوقهم بست
Bogga 32