ثم قال لهم: انصرفوا، بارك الله عليكم.
فانصرفوا، إلا أسماء بنت عميس امرأة جعفر الطيار، وكانت هي التي ربت فاطمة، فوقفت.
فقال لها الرسول (صلى الله عليه وآله): لم تلحقي بأهلك؟
قالت: يا رسول الله، إن النساء لا بد لهن من امرأة في مثل هذه الليلة، يكشفن إليها أسرارهن، وأنا ربيتها فلا يطيب لي تركها وحدها، فدعا لها.
ثم خلط الطيب، ثم دعا بفاطمة، وطيب فرقها وعنقها وبين يديها، وقال لها:
على بركة الله.
فلما دخل البيت دعا بعلي، واستعمل باقي الطيب فيه، ووضع يده على ظهره، وقال: على بركة الله، فدخل علي عليها، ولم ينظر إلى جانبها، حتى صلى ركعتين، سجد لله وشكر على رزقه إياه مثلها.
فانظركم خصلة من الشرف في هذا:
العاقد هو الله، والقابل جبرئيل، والخاطب راحيل، والشهود حملة العرش، وصاحب النثار رضوان، وطبق النثار شجرة طوبى، والنثار الدر والمرجان والقرنفل.
ثم العاقد الثاني الرسول، وهو المشاطة، وأسماء صاحبة الحجلة، وولد هذا النكاح الأئمة إلى يوم القيامة.
فهذه عشر خصال يقتضي شرف هذا العقد، كل خصلة منها متفرد، وفضيلة ومنقبة ليس فيها الشركة، وليس في العالم هذا لأحد سواها.
وفي هذه الصحبة لعلي خاصية لا مشاركة له فيها، وهي أنه لما وقع التزويج بين فاطمة وبين علي، دخلت فاطمة على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهي باكية!
فقال لها: لم تبكين، لا بكت عيناك؟
Bogga 89