-[مَرَاتِب الْإِجْمَاع]- الكتاب: مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات المؤلف: أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (المتوفى: ٤٥٦هـ) الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت عدد الأجزاء: ١ [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] _________ فائدة: أضيفت تعقبات ابن تيمية في كتابه (نقد مراتب الإجماع) في مواضعها من هامش هذه النسخة الإلكترونية. وقد نُقلت تعقبات ابن تيمية من [ط دار ابن حزم، بيروت، الطبعة الأولى، ١٤١٩هـ - ١٩٩٨م بعناية حسن أحمد إسبر] وهي طبعة تحتوي على الكتابين: «مراتب الإجماع» و«نقد مراتب الإجماع»، إلا أن المنقول هنا - في الحواشي - هو كتاب ابن تيمية فقط.، وذكرنا قبل كل تعليق رقم الصفحة (من ط حسن إسبر) التي ورد فيها هذا التعليق فليُنتبه إلى أن جميع الحواشي في هذه النسخة الإلكترونية هي من إضافة مُعِدِّ الكتاب للشاملة وليست في أصل النسخة الورقية

1 / 1

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَمَا توفيقي إلا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت قَالَ الْفَقِيه الأجل الإمام أَبُو مُحَمَّد عَليّ بن أَحْمد بن سعيد بن حزم رَحْمَة الله عَلَيْهِ الْحَمد لله الَّذِي لَا معقب لحكمه وَلَا راد لقضائه الَّذِي ﴿لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون﴾ وَصلى الله على مُحَمَّد عَبده وَرَسُوله وَخَاتم أنبيائه وَخيرته من نوع الْإِنْسَان وَسلم بَعثه إلى جَمِيع الْجِنّ والإنس من مبعثه إلى انْقِضَاء هَذَا الْعَالم وَقيام السَّاعَة نسخ بملته الْملَل وَلَا نَاسخ لملته وَلَا حول وَلَا قُوَّة إلا بِاللَّه الْعَظِيم أما بعد فَإِن الْإِجْمَاع قَاعِدَة من قَوَاعِد الْملَّة الحنيفية يرجع إليه ويفزع نَحوه وَيكفر من خَالفه إذا قَامَت عَلَيْهِ الْحجَّة بأنه إجماع وأنا أملنا بعون الله ﷿ أَن نجمع الْمسَائِل الَّتِي صَحَّ فِيهَا الإجماع ونفردها من الْمسَائِل الَّتِي وَقع فِيهَا الْخلاف بَين الْعلمَاء فَإِن الشَّيْء إذا ضم إلى شكله وَقرن بنظيره سهل حفظه وَأمكن طلبه وَقرب متناوله ووضح خطأ من خَالف الْحق بِهِ وَلم يتعن المختصمون فِي الْبَحْث عَن مَكَانَهُ

1 / 7

عِنْد تنازعهم فِيهِ ورجونا بذلك جزيل الْأجر من الله ﷿ فَإِن الْمَنْفَعَة بِجمع هَذِه الْمسَائِل جليلة جدا وَوجدنَا الإجماع يقتسم طرفِي الأقوال فِي الْأَغْلَب وَالْأَكْثَر من الْمسَائِل وَبَين هذَيْن الطَّرفَيْنِ وسائط فِيهَا كثر التَّنَازُع وَفِي بحرها سبح المخالفون فأحد الطَّرفَيْنِ هُوَ مَا اتفق جَمِيع الْعلمَاء على وُجُوبه أَو على تَحْرِيمه أَو على أَنه مُبَاح لَا حرَام وَلَا وَاجِب فسمينا هَذَا الْقسم الإجماع اللَّازِم والطرف الثَّانِي هُوَ مَا اتّفق جَمِيع الْعلمَاء على أَن من فعله أَو اجتنبه فقد أدّى مَا عَلَيْهِ من فعل أَو اجْتِنَاب أَو لم يَأْثَم فسمينا هَذَا الْقسم الإجماع المجازي عبارَة اشتققناها لكل صنف من صفته الْخَاصَّة بِهِ ليقرب بهَا التفاهم بَين الْمعلم والمتعلم والمناظرين على سَبِيل طلب الْحَقِيقَة إن شَاءَ الله وَمَا توفيقنا إلا بِاللَّه وَبَين هذَيْن الطَّرفَيْنِ أَشْيَاء قَالَ بعض الْعلمَاء هِيَ حرَام وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُم لَيست حَرَامًا لَكِنَّهَا حَلَال وَقَالَ قوم مِنْهُم هِيَ وَاجِبَة وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُم لَيست بواجبة لَكِنَّهَا مُبَاحَة وكرهها بَعضهم واستحبها بَعضهم فَهَذِهِ مسَائِل من الأحكام والعبادات لَا سَبِيل إلى وجود مُسَمّى الإجماع لَا فِي جوامعها وَلَا فِي أفرادها وَنحن ممثلون مِنْهَا مِثَالا وَذَلِكَ مثل زَكَاة الْفطر فَإِن قوما قَالُوا هِيَ فرض وَقوم

1 / 8

قَالُوا لَيست فرضا وَقَالَ قوم هِيَ مَنْسُوخَة وَمثل زَكَاة الْعرُوض المتخذة للتِّجَارَة فَإِن قوما قَالُوا الزَّكَاة فِيهَا وَاجِبَة وَقَالَ آخَرُونَ لَا زَكَاة فِيهَا ثمَّ اخْتلف وجوب الزَّكَاة فِيهَا أَيْضا اخْتِلَافا لَا سَبِيل إلى الْجمع بَينهم فِيهِ فَقَالَ بَعضهم يخرج من أثمانها وَقَالَ آخَرُونَ يخرج من أعيانها وَمثل هَذَا كثير فَمَا كَانَ من هَذَا النَّوْع فَلَيْسَ هَذَا الْكتاب مَكَان ذكره وَفِي مَوَاضِع أخر إن أعاننا الله بِقُوَّة من قبله وتأييد وأمدنا بعمر وفراغ فستجمع كل صنف مِنْهَا فِي مَكَان هُوَ أملك بِهِ إن شَاءَ الله وَمَا توفيقنا إلا بِاللَّه وَهَهُنَا نَحْو من أنحاء الإجماع لَيْسَ هَذَا الْمَكَان مَكَان ذكره وَهُوَ أَن يخْتَلف الْعلمَاء فِي مَسْأَلَة مَا فيبيحها قوم ويحظرها آخَرُونَ أَو يُوجِبهَا قوم وَلَا يُوجِبهَا آخَرُونَ وَلَا بُد أَن يكون الْحق فِي قَول أحدهم وسائرهم مبطلون ببرهان سَمْعِي أو برهَان عَقْلِي شرطي إذا تقصيت أَقسَام الْمقَالة على اسْتِيعَاب وثقة وَصِحَّة فَيكون حِينَئِذٍ إجماع الْمُحَقِّقين فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة إجماعا صَحِيحا مرجوعا إليه مستصحبا فِيمَا اخْتلف فِيهِ مِنْهَا مَا لم يمْنَع من شَيْء من ذَلِك نَص وَذَلِكَ كإجماع الْقَائِلين بالمساقاة والمزارعة على إباحة شَيْء من فروعها فَيُوقف عِنْده فَهَذِهِ وُجُوه الإجماع الَّتِي لَا إجماع سواهَا وَلَا تقوم حجَّة من الإجماع فِي غَيرهَا الْبَتَّةَ وَقد أَدخل قوم فِي الإجماع مَا لَيْسَ فِيهِ: - فقوم عدوا قَول الأكثر إجماعا - وَقوم عدوا مَا لَا يعْرفُونَ فِيهِ خلافًا إجماعا وان لم يقطعوا على أَنه لَا خلاف فِيهِ - وَقوم عدوا قَول الصاحب الْمَشْهُور الْمُنْتَشِر إذا لم يعلمُوا لَهُ من الصَّحَابَة مُخَالفا

1 / 9

وان وجد الْخلاف من التَّابِعين فَمن بعدهمْ فعدوه إجماعا - وَقوم عدوا قَول الصاحب الَّذِي لَا يعْرفُونَ لَهُ مُخَالفا من الصَّحَابَة ﵃ وَإِن لم يشْتَهر وَلَا انْتَشَر إجماعا - وَقوم عدوا قَول أهل الْمَدِينَة إجماعا - وَقوم عدوا قَول أهل الْكُوفَة إجماعا - وَقوم عدوا اتِّفَاق الْعَصْر الثَّانِي على أحد قَوْلَيْنِ أَو أَكثر كَانَت للعصر الَّذِي قبله إجماعا وكل هَذِه آراء فَاسِدَة ولنقضها مَكَان آخر وَيَكْفِي من فَسَادهَا أَنهم نجدهم يتركون فِي كثير من مسائلهم مَا ذكرُوا أَنه إجماع وإنما نَحوا إلى تَسْمِيَة مَا ذكرنَا إجماعا عنادا مِنْهُم وشغبا عِنْد اضطرار الْحجَّة والبراهين لَهُم إلى ترك اختياراتهم الْفَاسِدَة وأيضا فَإِنَّهُم لَا يُكَفِّرون من خالفهم فِي هَذِه الْمعَانِي وَمن شَرط الإجماع الصَّحِيح أَن يُكَفَّر من خَالفه بِلَا اخْتِلَاف بَين أحد من الْمُسلمين فِي ذَلِك فَلَو كَانَ مَا ذَكرُوهُ إجماعا لكُفِّر مخالفوهم بل لكُفِّروا هم لأَنهم يخالفونها كثيرا (١) ولبيان كل هَذَا مَكَان آخر وَلَا حول ولا قوة إلا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم _________ (١) قال ابن تيمية في (نقد مراتب الإجماع)، ص ٢٨٦: أهل العلم والدين لا يعاندون، ولكن قد يعتقد أحدهم إجماعا ما ليس بإجماع، لكون الخلاف لم يبلغه، وقد يكون هناك إجماع لم يعلمه، فهم في الاستدلال بذلك كما هم في الاستدلال بالنصوص: تارة يكون هناك نص لم يبلغ أحدهم، وتارة يعتقد أحدهم وجود نص، ويكون ضعيفا أو منسوخا. وأيضا فما وصفهم هو به قد اتصف هو به، فإنه يترك في بعض مسائله ما قد ذكر في هذا الكتاب أنه إجماع. وكذلك ما ألزمهم إياه من تكفير المخالف غير لازم؛ فإن كثيرا من العلماء لا يكفرون مخالف الإجماع. وقوله: " إن مخالف الإجماع يكفر بلا اختلاف من أحد المسلمين " هو من هذا الباب، فلعله لم يبلغه الخلاف في ذلك، مع أن الخلاف في ذلك مشهور مذكور في كتب متعددة، والنَّظَّامُ نفسه المخالف في كون الإجماع حجة لا يكفره ابن حزم والناس أيضا. فمن كفَّر مخالفَ الإجماع إنما يكفره إذا بلغه الإجماع المعلوم، وكثير من الإجماعات لم تبلغ كثيرا من الناس، وكثير من موارد النزاع بين المتأخرين يَدَّعي أحدهما الإجماع في ذلك، إما أنه ظني ليس بقطعي، وإما أنه لم يبلغ الآخر، وإما لاعتقاده انتفاء شروط الإجماع. وأيضا: فقد تنازع الناس في كثير من الأنواع: هل هي إجماع يُحتج به؟ كالإجماع الإقراري، وإجماعِ الخلفاء الأربعة، وإجماعِ العصر الثاني على أحد القولين للعصر الأول، والإجماعِ الذي خالف فيه بعضُ أهله قبل انقراض عصرهم، فإنه مبني على انقراض العصر، بل هو شرط في الإجماع، وغيرِ ذلك. فتنازعُهم في بعض الأنواع، هل هو من الإجماع الذي يجب اتباعهم فيه، كتنازعهم في بعض أنواع ⦗٢٨٧⦘ الخطاب، هل هو مما يحتج به، كالعموم المخصوص، ودليل الخطاب، والقياس، وغير ذلك. فهذا ونحوه مما يتبين به بعض أعذار العلماء.

1 / 10

Usul - Qalabka Cilmi-baarista ee Qoraalada Islaamka

Usul.ai waxa uu u adeegaa in ka badan 8,000 qoraal oo Islaami ah oo ka socda corpus-ka OpenITI. Hadafkayagu waa inaan fududeyno akhrinta, raadinta, iyo cilmi-baarista qoraalada dhaqameed. Ku qor hoos si aad u hesho warbixinno bille ah oo ku saabsan shaqadayada.

© 2024 Hay'adda Usul.ai. Dhammaan xuquuqaha waa la ilaaliyay.