Maraqi Jinan
مراقي الجنان بالسخاء وقضاء حوائج الإخوان
Noocyada
فقال العراقي: جعلت فداك، إن الجد والهزل في البيع سواء.
فقال له عبد الله: ويحك! ما أعلم جارية تساوي ما بذلت، ولو كنت بائعها من أحد لآثرتك، ولكني كنت مازحا، وما أبيعها بملك الدنيا لحرمتها بي وموضعها من قلبي.
فقال العراقي: إن كنت مازحا فإني كنت جادا، وما اطلعت على ما في نفسك، وقد ملكت الجارية وبعثت إليك بثمنها، وليست تحل لك، وما لي من أخذها بد.
فمانعه إياها، فقال له: ليست لي بينة، ولكن أستحلفك عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنبره.
فلما رأى عبد الله الجد قال: بئس الضيف أنت، ما طرقنا طارق ولا نزل بنا نازل أعظم بلية منك. أتحلفني، فيقول الناس اضطهد عبد الله ضيفه وقهره وألجأه إلى أن استحلفه؟ أما والله ليعلمن الله عز وجل أني سائله في هذا الأمر الصبر وحسن العزاء.
ثم أمر قهرمانه بقبض المال منه، وتجهيز الجارية بما يشبهها من الخدم والثياب والطيب، فجهزت بنحو من ثلاثة آلاف دينار، وقال: هذا لك، ولك عوضها مما ألطفتنا، والله المستعان.
فقبض العراقي الجارية وخرج بها. فلما برز من المدينة قال لها: يا عمارة، إني والله ما ملكتك قط، ولا أنت لي، ولا لمثلي تشترى جارية بعشرة آلاف دينار، وما كنت لأقدم على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلبه أحب الناس إليه لنفسي، ولكني دسيس من يزيد بن معاوية وأنت له، وفي طلبك بعث بي، فاستتري مني، وإن داخلني الشيطان في أمرك وتاقت نفسي إليك فامتنعي مني.
Bogga 102