Marah Labid
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
Tifaftire
محمد أمين الصناوي
Daabacaha
دار الكتب العلمية - بيروت
Lambarka Daabacaadda
الأولى - 1417 هـ
Noocyada
داود، والنصارى لعنوا على لسان عيسى، والفريقان من بني إسرائيل وهم أصحاب السبت وأصحاب المائدة. أما أصحاب السبت فهم قوم داود وذلك أن أهل أيلة لما اعتدوا في السبت بأخذ الحيتان دعا عليهم داود عليه السلام وقال: اللهم العنهم واجعلهم آية فمسخهم الله قردة.
وأما أصحاب المائدة فإنهم لما أكلوا من المائدة وادخروا ولم يؤمنوا، قال عيسى عليه السلام:
اللهم عذب من كفر بعد ما أكل من المائدة عذابا لم تعذبه أحدا من العالمين، والعنهم كما لعنت أصحاب السبت فمسخوا قردة وخنازير وكانوا خمسة آلاف ليس فيهم امرأة ولا صبي ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (78) أي ذلك اللعن الفظيع بسبب عصيانهم ومبالغتهم في العصيان كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه أي كانوا لا يمتنعون عن معاودة منكر فعلوه ولا يتركونه ولا يصدر من بعضهم نهي لبعض عن منكر أرادوا فعله.
روى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من رضي عمل قوم فهو منهم ومن كثر سواد قوم فهو منهم»
«1» . لبئس ما كانوا يفعلون (79) أي أقسم لبئس ما كانوا يفعلونه فعلهم هذا وهو ترك الإصرار على منكر فعلوه وترك النهي عنه ترى كثيرا منهم أي تبصر كثيرا من أهل الكتاب ككعب بن الأشرف وأصحابه يتولون الذين كفروا أي يصادقون كفار أهل مكة أبا سفيان وأصحابه بغضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، أي فإن كعبا وأضرابه خرجوا إلى مشركي مكة ليتفقوا على محاربة النبي صلى الله عليه وسلم لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم أي لبئس شيئا قدموا من موالاتهم لعبدة الأوثان لزاد معادهم موجب سخطه تعالى عليهم وفي العذاب هم خالدون (80) أي وخلودهم أبد الآبدين في عذاب جهنم، وهذه الجملة معطوفة على ما قبلها فهي من جملة المخصوص بالذم
ولو كانوا أي أهل الكتاب الذين يوالون المشركين يؤمنون بالله والنبي أي نبيهم وهو موسى وما أنزل إليه من التوراة كما يدعون ما اتخذوهم أي ما اتخذ اليهود المشركين أولياء لأن تحريم ذلك متأكد في التوراة في شرع موسى عليه السلام فلما فعلوا ذلك ظهر أنه ليس مرادهم تقرير دين موسى بل مرادهم الرياسة فيسعون في تحصيله بأي طريق قدروا عليه فلهذا وصفهم الله تعالى بالفسق فقال: ولكن كثيرا منهم فاسقون (81) أي خارجون عن الدين والإيمان بالله ونبيهم وكتابهم أما البعض منهم فقد آمن وفي هذه الآية وجه آخر ذكره القفال وهو أن يكون المعنى ولو كان هؤلاء المتولون من المشركين يؤمنون بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم ما اتخذهم هؤلاء اليهود أولياء وهذا الوجه حسن ليس في
Bogga 287