Marah Labid
مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
Baare
محمد أمين الصناوي
Daabacaha
دار الكتب العلمية - بيروت
Lambarka Daabacaadda
الأولى - 1417 هـ
Noocyada
والمواعيد والدعوة إلى التوحيد والعدل بين الناس، والنهي عن المعاصي والفواحش من قبل أن نطمس وجوها أي نمحو تخطيط صورها من عين وحاجب وأنف وفم فنردها على أدبارها أي فنجعلها على هيئة أقفائها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت فهم ملعونون بكل لسان. وضمير الغائب راجع إلى الذين أوتوا الكتاب على طريقة الالتفات فلما لعنهم الله ذكرهم بعبارة الغيبة وكان أمر الله بإيقاع شيء ما مفعولا (47) أي نافذا. وهذا إخبار عن جريان عادة الله في الأنبياء المتقدمين أنه تعالى مهما أخبرهم بإنزال العذاب على الكفار فعل ذلك لا محالة إن الله لا يغفر أن يشرك أي لا يغفر الكفر لمن اتصف به بلا توبة وإيمان ويغفر ما دون ذلك أي الشرك في القبح من المعاصي صغيرة كانت أو كبيرة من غير توبة عنها لمن يشاء.
روي عن ابن عباس أنه قال: لما قتل وحشي حمزة يوم أحد وكانوا قد وعدوه بالإعتاق إن هو فعل ذلك، ثم إنهم ما وفوا له بذلك فعند ذلك ندم هو وأصحابه فكتبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذنبهم وأنه لا يمنعهم عن الدخول إلى الإسلام إلا قوله تعالى: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر [الفرقان: 68] . فقالوا: قد ارتكبنا كل ما في هذه الآية. فنزل قوله تعالى: إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا [الفرقان: 70] فقالوا: هذا شرط شديد نخاف أن لا نقوم به فنزل تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فقالوا: نخاف أن لا نكون من أهل مشيئته تعالى.
فنزل: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله [الزمر: 53] فدخلوا عند ذلك في الإسلام ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما (48) أي فقد فعل ذنبا غير مغفور ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم أي يمدحونها.
قال قتادة والضحاك والسدي: هم اليهود. أخرجه ابن جرير، وذلك لما هدد الله تعالى اليهود بقوله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به فعند هذا قالوا: لسنا من المشركين بل نحن من خواص الله تعالى. وهذا استفهام تعجيب وهو أمر المخاطب على التعجب من ادعائهم أنهم أزكياء عند الله تعالى مع ما هم عليه من الكفر والإثم العظيم. وفي هذه الآية تحذير من إعجاب المرء بنفسه وعمله بل الله يزكي من يشاء عطف على مقدر. أي هم لا يزكون أنفسهم في الحقيقة لكذبهم وبطلان اعتقادهم بل الله يزكي من يشاء تزكيته ممن يستحقها من المؤمنين ولا يظلمون فتيلا (49) أي إن الذين يزكون أنفسهم يعاقبون على تلك التزكية حق جزائهم من غير ظلم. أي فلا يظلمون في ذلك العقاب قدر فتيل وهو الخيط الذي في شق النواة طولا. والنقير النقطة التي في ظهر النواة تنبت منها النخلة والقمطير والقشرة الرقيقة على النواة. انظر يا أشرف الخلق متعجبا كيف يفترون على الله الكذب لقولهم ما نعمل بالنهار من الذنوب يغفره الله لنا بالليل، وما نعمل بالليل يغفره بالنهار ف «الكذب» مفعول به أو مفعول مطلق لأنه يلاقي العامل
Bogga 201