Mara'at al-Mafatih Sharh Mishkat al-Masabih
مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
Daabacaha
إدارة البحوث العلمية والدعوة والإفتاء-الجامعة السلفية
Lambarka Daabacaadda
الثالثة - ١٤٠٤ هـ
Sanadka Daabacaadda
١٩٨٤ م
Goobta Daabacaadda
بنارس الهند
Noocyada
قال رسول الله ﷺ:
ــ
وقالت المالكية: لا يلزم القضاء إلا إذا قطعه عمدًا من غير عذر، وقال القرطبي المالكي: نفى في الحديث وجوب شيء آخر، والاستثناء من النفي إثبات، فيلزم أن يكون التطوع واجبًا، ولا قائل لوجوبه لاستحالته، فتعين أن يكون المراد إلا أن تشرع في تطوع فيلزمك إتمامه – انتهى. قالت الحنفية: ويدل على كون الاستثناء في الحديث للاتصال حديث عائشة عند أحمد والنسائي والترمذي، وفيه أنه قال: صوما يومًا مكانه، فأمر بالقضاء، فدل على أن الشروع ملزم، وأن القضاء بالإفساد واجب. وأجيب عن تقرير القرطبي أولًا بأنه مغالطة؛ لأن الاستثناء ههنا من غير الجنس؛ لأن التطوع لا يقال فيه: عليك، فكأنه قال: لا يجب عليك شيء إلا إن أردت أن تطوع، فذلك لك، وقد علم أن التطوع ليس بواجب فلا يجب شيء آخر أصلًا، وثانيًا: بأن الحنفية لا يقولون بفرضية الإتمام، بل بوجوبه، واستثناء الواجب من الفرض منقطع لتبيانهما، فلا يصح حملهم الاستثناء في الحديث على الاتصال، وثالثًا: بأن الاستثناء من النفي عندهم ليس للإثبات، بل مسكوت عنه. ورابعًا بما قاله بعض العلماء الحنفية: إن الحديث خارج عن موضع النِزاع، فإن الإيجاب المذكور فيه إنما هو الإيجاب من جهة الوحي، ومسألة لزوم النفل بالشروع إنما هو إيجاب العبد على نفسه شيئًا بخيرته وطوعه. وخامسًا: بأنه قال ﷺ في الزكاة مثل ما قال في الصلاة والصوم، لكن لا يمشي تقرير القرطبي وغيره ممن قال بوجوب الإتمام في الزكاة، قال السندهي الحنفي: لا يظهر هذا في الزكاة إذ الصدقة قبل الإعطاء لا تجب، وبعده لا توصف بالوجوب، ولا يقال: إنه صار واجبًا بالشروع فلزم إتمامه، فالوجه أنه استثناء منقطع، أي لكن التطوع جائز أو خير، ويمكن أن يقال من باب المبالغة في نفي واجب آخر، على معنى ليس عليك واجب آخر إلا التطوع، والتطوع ليس بواجب، فلا واجب غير المذكور – انتهى. قال القاري مجيبًا عن الثاني: بأنه ممنوع، فإن الواجب عندنا فرض عملي لا اعتقادي، وبهذا الاعتبار يطلق عليه أنه فرض، فالمراد بالفرض في الحديث المعنى الأعم، مع أنه لا محذور في جعل الاستثناء منقطعًا لصحة الكلام، فيكون المعنى: لكن التطوع باختيارك، أي ابتداءً كما هو مذهبنا، قلت: الفرق بين الفرض والواجب بالمعنى الاصطلاحي، ثم تقسيم الفرض إلى الفرض الاعتقادي والعملي، وجعل الواجب الاصطلاحي فرضًا عمليًا من المصطلحات الحادثة لم يعرفها الصحابة، فلا ينبغي أن يحمل الحديث على مصطلحات الفنون الحادثة بعد عصر الصحابة، والظاهر بل المتعين في معناه على كون الاستثناء للانقطاع هو أن يقال لكن يستحب لك أن تطوع، أو لكن التطوع باختيارك انتهاء كما هو في طواعيتك ابتداءً، ويؤيده حديث أم هانئ عند الترمذي وغيره، وفيه الصائم المتطوع أمير أو أمين نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر، ويؤيده أيضًا ما رواه النسائي عن عائشة مرفوعًا: إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل الذي يخرج من ماله الصدقة، فإن شاء أمضاها، وإن شاء حبسها، وقال القاري مجيبًا عن الثالث: بأنه مدخول، فإن هذا إنما يرد عليهم لو استدلوا بهذا الحديث، وتقدم أن دليلهم الآية والإجماع، وإنما حملوا لفظ الحديث على المعنى المستفاد منهما يعني بالآية قوله تعالى:
1 / 66