Mara'at al-Mafatih Sharh Mishkat al-Masabih
مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
Daabacaha
إدارة البحوث العلمية والدعوة والإفتاء-الجامعة السلفية
Lambarka Daabacaadda
الثالثة - ١٤٠٤ هـ
Sanadka Daabacaadda
١٩٨٤ م
Goobta Daabacaadda
بنارس الهند
Noocyada
آمن بنبيه وآمن بمحمد،
ــ
أهل الكتاب، ويؤيد العموم أي الحمل على أهل التوراة والإنجيل، أعني اليهود والنصارى ما رواه أحمد في مسنده (ج٥: ص٢٥٩) عن أبي أمامة قال: إني لتحت راحلة رسول الله ﷺ يوم الفتح، فقال قولًا حسنا جميلًا وقال فيما قال: «من أسلم من أهل الكتابين فله أجره مرتين، وله ما لنا، وعليه ما علينا، ومن أسلم من المشركين فله أجره، وله ما لنا وعليه ما علينا»، وما رواه النسائي في آداب القضاة (ج٢: ص٢٦٥) عن ابن عباس في تأويل قوله ﷿: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾ [٥: ٤٤] من حديث طويل وفيه فقال الله ﵎: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته﴾ [٥٧: ٢٨] أجرين بإيمانهم بعيسى وبالتوراة والإنجيل، وبإيمانهم بمحمد ﷺ ... الحديث، ويؤيده أيضًا أن الحديث مستفاد من قوله تعالى: ﴿أولئك يؤتون أجرهم مرتين﴾ [٢٨: ٥٣]، وأنه نزل في عبد الله بن سلام وأشباهه، كما رواه الطبراني من حديث رفاعة القرظي، والطبري عن علي بن رفاعة القرظي وغيره أنها نزلت في رفاعة القرظي، وعبد الله بن سلام، وسلمان وغيرهم من أهل الكتاب الذين كانوا بالمدينة، وأما ما ورد في البخاري (ج١: ص٤٩٠) في كتاب الأنبياء، وإذا آمن بعيسى ثم آمن بي بدل قوله "من أهل الكتاب" وهو يدل على أن المراد في حديث الباب أهل الإنجيل أي النصارى فقط، فهو محمول على اقتصار الراوي واختصاره، والأصل كما ذكره آخرون، فإن قيل: حمل الكتاب على العموم حتى يشمل اليهود صعب جدًا؛ لأنهم كفروا بعيسى – ﵇ – فحبط إيمانهم بموسى، ثم إنهم لما آمنوا بمحمد ﷺ لم يبق لهم إلا عمل واحد، وهو الإيمان بنبينا ﷺ فلا يستحقون عليه إلا أجرًا واحدًا، قلنا: من دخل في اليهودية من غير بني إسرائيل ولم يكن بحضرة عيسى ﵇ فلم تبلغه دعوته، يصدق عليه أنه يهودي مؤمن، إذ هو مؤمن بنبيه موسى ﵇، ولم يكذب نبينا آخر بعده، فمن أدرك بعثة محمد ﷺ ممن كان بهذه المثابة وآمن به لا يشكل أنه يدخل في حديث أبي موسى، ومن هؤلاء عرب نحو اليمن متهودون ولم تبلغهم دعوة عيسى لكونه أرسل إلى بني إسرائيل خاصة إجماعًا دون غيرهم، وكذا يدخل في قوله "أهل الكتاب" يهود المدينة الذين كانوا بحضرة النبي ﷺ كما دخلوا في قوله تعالى: ﴿أولئك يؤتون أجرهم مرتين﴾ لأنه لم تبلغهم دعوة عيسى ﵇؛ لكونها لم تنتشر في أكثر العباد فاستمروا على يهوديتهم مؤمنين بنبيهم موسى ﵇ إلى أن جاء الإسلام فآمنوا بمحمد ﷺ، وقيل: الظاهر أنه بلغ عبد الله بن سلام وأصحابه ممن أسلموا من يهود المدينة خبر عيسى ﵇ كسائر الأخبار تحمل من بلد إلى بلد من غير أن يبلغ إليه الدعوة إلى شريعته بخصوصها، فآمنوا به وصدقوه، فحاشا مثل ابن سلام وأضرابه مع سعة علومهم، وكمال عقولهم، وسلامة فطرتهم، أن يبلغ إليهم خبر عيسى ثم يكذبوه، فلا نسيء الظن بهم، وإذا كان الأمر كذلك فقد كفاهم تصديقهم به إجمالًا لاستحقاق أجر إيمانهم عن عهدة التزام شريعته؛ لأنه لم تبلغهم الدعوة إلى شريعته بخصوصها
1 / 55