67

Haweeneyda Qur'aanka

المرأة في القرآن

Noocyada

ولا اعتراض لأحد من المتقدمين أو المتأخرين على عقوبة من هذه العقوبات جميعا فيما خلا العقوبة البدنية، وهو - فيما يبدو لأيسر نظرة - اعتراض متعجل في غير فهم وعلى غير جدوى، وليس هذا الاعتراض بالجائز إلا على وجه واحد، وهو أن العالم لا تخلق فيه امرأة تستحق التأديب البدني، أو يصلحها هذا التأديب. وإنه لسخف يجوز أن يتحذلق به من شاء على حساب نفسه، إظهارا لدعوى النخوة والفروسية في غير موضعها. وليس بالجائز أن يتحذلق به على حساب الشريعة أو الطبيعة، ولا على حساب كيان الأسرة وكيان الحياة الاجتماعية. •••

إن المقام مقام عقوبة بل مقام العقوبة بعد بطلان النصيحة وبطلان القطيعة. ولم يخل العالم الإنساني رجالا ونساء ممن يعاقبون بما يعاقب به المذنبون، فما دام في هذا العالم امرأة من ألف امرأة تصلحها العقوبة البدنية، فالشريعة التي يفوتها أن تذكرها ناقصة، والشريعة التي تؤثر عليها هدم الأسرة مقتصرة ضارة، واللغط بهذه الحذلقة نفاق رخيص، والتماس للسمعة الباطلة بأخبث أثمانها. وقد أجازت الشرائع عقوبة الأبدان للجنود، ولها مندوحة عنها بقطع الوظيفة، وتأخير الترقية والحرمان من الإجازات والحريات، فإذا امتنع العقاب بغيرها لبعض النساء، فلا غضاضة على النساء جميعا في إباحتها. وما يقول عاقل: إن عقوبة الجناة تغض من الأبرياء، وإلا لوجب إسقاط جميع العقوبات من جميع القوانين.

وسنرى فيما يلي من بيان القيود التي أحيطت بها هذه العقوبة أنها في حكم الإسلام جد كريهة، وما أبيحت إلا لاتقاء ما هو أكره منها، وهو الطلاق.

الفصل الرابع عشر

القرآن والزمن

بقي القرآن الكريم في العالم الإسلامي نحو ألف وأربعمائة سنة قوة عاملة يعتصم بها في إقباله وإدباره، وفي عزته وانكساره، بل كان هو القوة العاملة التي نفعته حين فارقته جميع القوى التي تنتفع بها الأمم، فكان له قوة تعينه على التقدم والنماء كما كان له قوة تعينه على الثبات والمقاومة. وابتلي المسلمون في أيام ضعفهم بسطوة الطامعين فيهم، وعداوة القادرين عليهم، فلا تعرف دولة من الدول الطاغية المتغلبة لم تفتح بلدا من بلدان المسلمين، أو تدخله بالحيلة والمكيدة، ولا تعرف لهذه البلاد المغلوبة قوة تعوذ بها، وتأبى عليها أن تسلم بالهزيمة، وتنهضم في جوف الدول المحيطة بها، غير إيمانها بهذا الكتاب: إن الإيمان بالقرآن وقبول الخضوع لغير رب العالمين، نقيضان لا يجتمعان في قلب إنسان.

ونحن اليوم ننظر إلى الدول الغالبة، فلا نرى لأبنائها حيرة أشد من حيرتهم في البحث عن الإيمان الموجه والعقيدة الراجية: كلهم يريدون أن يستقروا على أمل في الحياة، وعلى فكرة واثقة بالعمل الصالح، والرجاء الموفق، والسعي المطمئن إلى هداه، وإلى المصير وإن كان لا يراه.

وعندنا نحن هذا الإيمان وهذه العقيدة الراجية: عندنا الإيمان متأصلا، والعقيدة ناجية من تجارب الزمن، مختبرة بالمحن والشدائد، صالحة لكل أمس، كان في يوم من الأيام غدا مجهولا، قبل أن يماط عنه حجاب الغيب، صالحة لكل غد نستقبله ونجهله اليوم، ولكننا لا نجهل أن الإيمان فيه قوة، وأن ديننا يمنحنا تلك القوة، وأننا على سنة القصد - على الأقل - حين نفيد مما في أيدينا ولا ننبذه جزافا لنبحث عن سواه، وقد جرب غيرنا سواه حيث اضطرته فاقة العقيدة إلى التجربة المجهولة، فإذا هو في طريق العقيدة على غير اعتقاد، وإذا هو يشد الرحال ليبحث عن الزاد، ولا رحلة بغير زاد.

لقد كان هذا الدين حافظا لنا في أمسنا، فما لنا لا نحفظه في يومنا وغدنا ولا شطط ولا مشقة؟ وماذا ينكر اليوم أو الغد منه، وهو يسير معه حيث سار، ويمده من قوة ويسدده من عثار؟

إنه دين رب العالمين.

Bog aan la aqoon