47

Haweeneyda Qur'aanka

المرأة في القرآن

Noocyada

وأمثال هذه «الخصوصية» ليست بالشيء النادر عند تأسيس النظم الاجتماعية قبل تمام الانتقال من نظام إلى نظام؛ لأنها استثناء توجبه مصلحة النظام الجديد ولا يتأتى شموله بالتعميم في جميع الأحكام.

ومن شروطه ألا يتكرر بعد أن يختص به للمرة الأولى، وللمرة الأخيرة؛ لأن تكراره يجعله نظاما قائما إلى جانب النظام الجديد.

وقد كانت خصوصية النبي عليه السلام مفردة مقصورة عليه غير قابلة للتكرار؛ لأنها ارتبطت بمصلحة الدعوة في إبانها. ولم يكن للدعوة رسول سواه، ولم يكن له غنى عن تلك الخصوصية في البلاد التي تأسست فيها الدعوة الأولى، وهي بلاد الأنساب وروابط المصاهرة والولاء بين الأسر والبيوت.

وقد تحتاج الحكمة في امتياز الرسول بتلك الخصوصية إلى شرح وإيضاح.

أما الحقيقة الواضحة التي لا حاجة بها إلى شرح ولا إيضاح فهي نزاهة تلك الخصوصية مما يعاب على الرجل أو على المرأة، وخلوصها من شوائب الهوى النفسي، ولو كان من السائغ المباح.

لم تكن تلك الخصوصية لتمكين صاحبها من المتعة والاستغراق في مناعم الحياة الجنسية؛ فإن البيت الذي يشكو نساؤه قلة المؤنة والزينة، لا يقال عنه: إنه بيت رجل تملكه أهواء نفسه وتغلبه على رشده. والرجل الذي يملك الجزيرة العربية، ولا يمد يده لاغتراف الثروة التي تكفي زوجاته، وتملي لهن في الترف والزينة، لن يكون رجلا مغلوب الحس منساقا مع غواية المتعة ووساوس الشهوات، وليس بالرجل المخلوق لطلب اللذة من ينهض بما نهض به نبي الإسلام من عظائم الأمور في مدى سنوات معدودات.

أما النساء اللائي اجتمعن في بيت النبي فلم تكن عليهن مهانة يشعرن بها، أو يشعر بها أحد من أترابهن، أو من عامة المسلمين، أغنيائهم وفقرائهم على السواء، بل كان دخول المرأة في عداد أمهات المؤمنين شرفا لا يعلوه شرف، ولا تطمع امرأة من أعرق البيوتات في كرامة حاضرة باقية أرفع من هذه الكرامة، التي تناظر بها سيدات العرب والعجم من أقدم العصور إلى آخر الزمان.

وقد تقدم أن سليمان الحكيم جمع بين ألف امرأة من الحرائر والإماء، كما جاء في كتب العهد القديم، ولعلهن اجتمعن في ذلك الحرم مأسورات مملوكات، ولعلهن رضين به رضى عن الترف والجاه، في قصر يعلو على القصور. أما نساء محمد عليه السلام فما أرضاهن عن المقام في بيته على الشظف والكفاف مال ولا جاه من جاه الأبهة والسلطان، وإنما هو جاه الروح ترتفع إليه المرأة بهدى الرسالة، ولا يرفعها إليه هدى سوى هداها. •••

وإذا تنزهت الخصوصية التي انفرد بها محمد عليه السلام عن مهانة تشين الرجل أو المرأة فقد ظهرت الحكمة فيها أيما ظهور، وامتنع كل وجه من وجوه تعليلها وتفسيرها، إلا أن تكون في سبيل الدعوة، لا في سبيل محمد ولا آل محمد، وإلا أن تكون تعليما بارزا لحكمة التشريع في تعدد الزوجات وهي تدعيم النظام الاجتماعي بالمصاهرة، وصيانة المرأة من الفتنة والمهانة.

فقد جمعت المصاهرة أبا بكر وعمر وعثمان وعليا في رسالة واحدة هي رسالة الدين.

Bog aan la aqoon