Haweeneyda Qur'aanka
المرأة في القرآن
Noocyada
ثم تعددت هذه الملكات والصفات فقام في طبيعة المرأة «برج بابل» مخيف من اختلاط الأصوات والدعوات.
كان رجحان الرجل بسيط المظهر، وكانت فطرة المرأة البسيطة قادرة على تمييزه بغير إعنات الفكر ولا إطالة للروية.
ثم تشعبت الملكات والصفات، ووجد في العالم رجال ممتازون بأكبر المزايا، وليس للمرأة من فطرتها البسيطة معين على تقدير مزاياهم وعرفان أقدارهم والترجيح بينهم وبين من دونهم من أصحاب المزايا الفطرية التي تتكشف للنظرة الأولى ولا تحتاج إلى إنعام نظر أو موازنة بين أنواع وأشكال: رجل الحرب الذي يظفر بالقوة والخدعة، ورجل المال الذي يكسب بالقوة والخدعة، وكلاهما مفهوم واضح مكشوف على ظواهر الأشباه.
ثم انفصلت الحرب عن الشجاعة في بعض المواقف، وانفصل المال عن القدرة الراجحة في كثير من المواقف. فأغنى السلاح والكثرة ما لا تغنيه الشجاعة، وكسب المال بالإسفاف والدناءة وخدمة الشهوات، فهذا هو برج بابل الذي لا تدري المرأة فيه من تسمع ومن تجيب، والذي تحار فيه قبل التمييز والتفضيل، وقد كانت قبل ذلك لا تحار في تمييز أو تفضيل.
وزاد برج بابل طبقة على طبقاته الكثيرة أن الآداب الاجتماعية وآداب الأسرة ظهرت بين الناس، وفرضت على المرأة أدبا جديدا غير الأدب القديم، أدبا يطالبها بالوفاء والأمانة ومغالبة الميول إذا تناضل من حولها الرجال، فزاد في الحيرة والتبلبل ولم يخلق بإزائه في فطرة المرأة معين على التمييز والاهتداء إلا ما تقتبسه بالتعليم والتلقين والإيحاء، وهو ضعيف محدود لا يقوم لإيحاء الفطرة القديمة إذا اشتجر النزاع واضطربت الأهواء.
فانقسم النساء أقساما شتى في الأخلاق الفطرية والأخلاق الاجتماعية: قسم مع الفطرة القديمة وقسم مع الأدب الجديد. بل أصبحت كل امرأة مجالا لتعدد هذه الأقسام تميل مع هذا أو ذاك كلما مالت بها دواعيه.
فنحن إذ نقول: إن المرأة تطيع الغرائز الجنسية في التقلب والمراوغة وخيانة القرناء، لا نقول ذلك لنعذرها كل العذر، أو لنسقط عنها واجب التغلب على هذه الميول التي تغيرت وجهاتها مع الزمن، ولا تزال عرضة لكثير من التغير، فإن الأخلاق لم تجعل لإبقاء الفطرة على عيوبها وإنما جعلت لتهذيب تلك العيوب ورياضتها وشد أزر النفس بالمثل الأدبية التي تعينها على عيوبها. ولكننا نقول ما نقول لنذكر أبدا أن فهم الغرائز الجنسية ضروري لفهم الأخلاق التي تتصل بها، فلا فائدة من البحث في رياضتها بالأدب الاجتماعي، قبل البحث فيما يقابلها من أصول الفطرة التي تعم جميع الأحياء، وليس عمومها بين جميع الأحياء بمانع من إصلاحها بالرياضة والتقويم. بل هو الذي يسوغ ذلك الإصلاح ويوجبه ويبشر بفلاحه؛ لأن الإنسان قد علا فوق سائر الأحياء، فمن الواجب إذن - ومن المستطاع أيضا - أن يعلو فوقها بالآداب والأخلاق.
ومن مفارقات العصور المتأخرة أن ينجم فيها طائفة من الدعاة وأصحاب الآراء يستخفون بالاحتجاز الجنسي الذي كان عصام المرأة من جماح الأهواء زمنا طويلا، ويستخفون معه بما عداه من الحواجز الجنسية المغروسة في طباع الأحياء؛ لأنها في رأيهم بقية لا ضرورة لها من بيئات المعيشة الحيوانية الأولى.
فعندهم مثلا أن حرية المرأة في العصر الحديث تبيح لها ما حرم عليها في العصور القديمة، فلا يعيبها أن تبدأ الغزل للرجل وتلاحقه لتستولي عليه، كأنما كان تركيب الجسم الأصيل في الأنوثة والذكورة مسألة من مسائل الحريات التي يذهب بها نظام ويأتي نظام، ويبرمها قانون وينقضها قانون.
وعندهم أن الحيوانات لم تقتصر على موسم واحد في التناسل إلا لأنها تشبع من الطعام في هذا الموسم، فتمتلئ أجسادها بفيض من الثروة الحيوية يدعوها إلى طلب الذرية.
Bog aan la aqoon