جحفل القداسة (حسين الهداية ورهطه)، وخميس الظلال (يزيد وأشياعه)، فيبصر موقف هؤلاء من الحق والنزاهة ، ومبوأ اولئك من الباطل والرجاسة ، فتحتدم بين أضالعه الخصلتان : الولاية والبراءة.
وغير خاف على البصير النيقد المراد من قول أبي عبد الله في دعائه المتقدم : «اللهم ، إن أعداءنا عابوا عليهم خروجهم إلينا ، فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا ؛ خلافا منهم على من خالفنا».
فإنه (عليه السلام) أراد تنشيط الشيعة في الدأب على مواساتهم ؛ بتعظيم شعائرهم ، وإقامة آثارهم ، ونشر مآثرهم. وإن ما يقاسونه في هذا السبيل من الأرزاء كله بعين الله تعالى ، ورضا أوليائه الأطهار ، وما يضرهم وهم على الحق هزء المستهزئين. ولقد سخر اليهود بالأذان ، كما سخر المشركون بالسجود ، فلم يثن من عزم المسلمين شيئا ، فمشوا على ذلك النهج القويم ، غير مبالين بعثرات غيرهم. وما يضر المزدلفين إلى قبر أبي عبد الله الحسين (ع)، والمتزاحمين على إقامة الشعائر الحسينية سخرية الجاهلين ، الذين يقول فيهم الإمام الصادق (عليه السلام): «والله ، لحظهم أخطؤوا ، وعن ثواب الله زاغوا ، وعن جوار محمد تباعدوا».
ولما قال له ذريح المحاربي : إني إذا ذكرت فضل زيارة أبي عبد الله (ع)، هزأ بي ولدي وأقاربي. قال (ع): «يا ذريح ، دع الناس يذهبون حيث شاؤوا ، وكن معنا» (1).
وقال (عليه السلام) لحماد : «بلغني أن اناسا من أهل الكوفة ، وقوما آخرين من نواحيها يأتون قبر أبي عبد الله في النصف من شعبان ، فبين قارئ يقرأ القرآن ، وقاص يقص ، ومادح لنا ، ونساء يندبنه».
فقال حماد : قد شهدت بعض ما تصف.
فقال (ع): «الحمد لله الذي جعل في الناس من يفد إلينا ويمدحنا ويرثي لنا ، وجعل عدونا يطعن عليهم ، ويقبحون ما يصنعون» (2).
إذا فسخرية المتباعدين عن أهل البيت (ع)، المائلين عن إقامة هذه الشعائر لا
Bogga 110