مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة
مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة
Daabacaha
مطبعة سفير
Goobta Daabacaadda
الرياض
Noocyada
يترك الأناة والتثبت ويقضي في شأنه قضاءً نهائيًا قبل أن يسمع منه ويتبين عذره، ومن ثم تبرز سمة النبي العادل المتثبت ﴿أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾ أي: حجة قوية واضحة توضح عذره وتنفي المؤاخذة عنه (١).
فالأناة صفة جميلة، وتكون أجمل إذا جاءت من القادر على العقاب، ولهذا قال الشاعر ابن هانئ المغربي:
وكل أناة في المواطن سؤدد ... ولا كأناة من قديرٍ محكم
ومن يتبين أن للصفح موضعًا ... من السيف يصفح عن كثير ويحلم
وما الرأي إلا بعد طول تَثَبُّتٍ ... ولا الحزم إلا بعد طول تلوم
وقال الشاعر يمدح عاقلًا حكيمًا:
بصير بأعقاب الأمور كأنما ... يخاطبه في كل أمر عواقبه (٢)
والداعية إلى الله ﷿ إذا تثبت، وتأمل في جميع أموره اكتسب ركنًا من أركان الحكمة، وينبغي ألا يقتصر في منهجه المتكامل على التأني والتثبت في الأفعال والأقوال فحسب، بل عليه أن يجري ذلك على القلب في خواطره، وتصوراته، وفي مشاعره وأحكامه ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا﴾ (٣).
فلا يقول اللسان كلمة، ولا يروي حادثة، ولا يحكم العقل حكمًا، ولا يبرم الداعية أمرًا إلا وقد تثبّت من كل جزئية، ومن كل ملابسة،
(١) انظر: في ظلال القرآن لسيد قطب، ٥/ ٢٦٣٨، وفقه الدعوة في إنكار المنكر، لعبد الحميد البلالي، ص١٧. (٢) انظر: موسوعة أخلاق القرآن، للدكتور الشرباصي، ٣/ ٢٧. (٣) سورة الإسراء، الآية: ٣٦.
1 / 149