[١٣٢] وقد يسأل سائل فيقول: كيف قال أرسطو في المقاييس المختلطة التى كبراها سالبة مطلقة وصغراها موجبة ممكنة - وهى السالبة الغير تامة فى هذا الاختلاط - إنها تنتج نتيجتين: إحداهما سالبة ممكنة والثانية سالبة ضرورية، أو إنها تنتج مع السالبة الممكنة السالبة الضرورية، وسكت عن النتيجة المطلقة وهو قد ينتجها، وبرهان الخلف الذي استعمل أرسطو فى بيان أنه ينتج سالبة ضرورية وممكنة يقتضى أنه قد ينتج المطلقة وبالجملة سالبة ممكنة باشتراك الاسم - أعنى / الممكن المقول على الثلاث جهات. وكيف قال فى المقاييس التي كبراها سالبة ضرورية وصغراها موجبة ممكنة - وهى الغير تامة فى هذا الاختلاط - إنها تنتج أيضا نتيجتين إحداهما سالبة مطلقة والأخرى سالبة ممكنة، وقال إنه ليس يوجد فى هذا الصنف برهان على أنه ينتج السالب الضرورى ويبين من أمره أنه قد ينتج الضرورى، وبرهان الخلف الذي استعمل فى بيان إنتاجه السالب الممكن والسالب المطلق يدل على إمكان ذلك. وهل فى هذا كله فرق بين الموجبات والسوالب فى هذا الاختلاط الذى سماه غير تام - وهو الذي لا تكون الكبرى فيه ممكنة. فإن الذي فهم عنه من ذلك المفسرون الذين وصلتنا أقوالهم هو أن التأليفات الموجبة فى هذين النوعين من الاختلاط بخلاف السوالب، وأن الموجبات منها تنتج ممكنات حقيقية. وهذا الذي قاله المفسرون هو الذي يقتضيه ظاهر ألفاظه أو ليس فى ذلك فرق بين الموجبات والسوالب، بل كلى الصنفين ينتج نتائج ممكنة باشتراك الاسم على ظاهر ما يقتضيه برهان الخلف المستعمل فى ذلك وعلى ظاهر ما يذهب إليه أبو نصر فى تفسيره هذا الموضع.
[١٣٣] فنقول نحن الآن: إن الإنتاج بالجملة إما أن يكون سبب الانطواء وإما أن يكون سبب الاتصال. وأعنى بالانطواء تضمن المقول على الكل جهة المقدمة الصغرى وانطوائها تحت حمل الحد الأكبر على الأصغر. وأعنى بالاتصال تضمن المقول على الكل كون الحد الأوسط محمولا بإيجاب على الأصغر فقط من غير أن يتضمن الجهة - أعنى جهة المقدمة الصغرى - وإنما يتضمن جنسها وهو الإيجاب فقط. والاتصال منه تام وهو أن تكون كلتا المقدمتين موجبتين، ومنه غير تام وهو أن تكون الكبرى كلية سالبة والصغرى موجبة فقط.
Bogga 163