أين عقلك يا مغرور ، هل نسيت يوم العبور ، وساعة المرور ، كل طائر من خوفه يخر صريعا ، وكل كاسر يئن من خشيته وجيعا ، أبو بكر انتفض من خوفه كالعصفور ، وصار صدره بالنشيج يفور ، وسقط الفاروق من الخشية على الرمال ، حتى حمل على أكتاف الرجال ، وبقي ذو النورين ، من منظر القبر يبكي يومين ، وهذا علي بن أبي طالب دموعه من التذكر سواكب ، كان عمر بن عبد العزيز ، يرتعد ولصدره أزيز ، ويقول : يا قوم ، اذكروا صباح ذلك اليوم ، ويلك والله لو أن القرآن نزل على صخر لتفجر ، ولوهبط على حجر لتكسر ، وتقرؤه وأنت لاه ساه ، تتفكر في المنصب والجاه ، كأن الليالي لا تطويك ، والكلام لا يعنيك ، تدفن الآباء والأجداد ، وتفقد الأخوة والأولاد ، وأنت لازلت في إصرار وعناد ، سبحان الله تغتر بالشباب ، وتزين الثياب ، وتنسى يوم يهال عليك التراب :
أبدا تصر على الذنوب ولا تعي
وتكثر العصيان منك وتدعي
أبدا ولا تبكي كأنك خالد
وأراك بين مودع ومشيع
لا تغفل ذكره ، ولا تنس شكره ، ولا تأمن مكره ، هو الذي عفر بالطين ، أنف فرعون اللعين ، وفرق جنوده أجمعين ، مساكن من عصاه قاع قرقر ، بعد ما أرسل عليهم الريح الصرصر ، إذا غضب دمر المنازل على أهلها ، وسوى جبالها بسهلها ، شاب رأسك، وما خف بأسك ، ومازال في المعاصي فأسك ، ما لك ما تردك الآيات ، ولا تزجرك العظات ، ولا تتذكر الأموات ، مصر مستكبر ، تركب كل أمر منكر .
Bogga 80