مشى بيننا من حسن طلعته السحر ولي في الدعوة انتقال وارتحال ، والفضل لذي الجلال ، وليس لي في الفضل فلس ولا مثقال . وكانت البداية في أبها ، وهي من الشمس أبهى ، ومن الزلال أشهى ، وأهلها من أرق الناس قلوبا ، وأقلهم عيوبا ، تغلب عليهم الاستجابة ، والذكاء والنجابة .
هينون لينون أيسار بنو يسر
صيد بها ليل حفاظون للجار
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم
مثل النجوم التي يسري بها الساري
ثم زرت مكة ، فعرفت من الحب يقينه وشكه ، فصرت لأهلها بالمودة ضامنا ، وصار الأنس في قلبي كامنا ، وآمن فؤادي ومن دخله كان آمنا . فلو أن الثرى يقبل لقبلت ، لكنني لما رأيتها كبرت وهللت ، وحول البيت هرولت .
كبرت عند ديارهم لما بدت
منها الشموس وليس منها المشرق
وعجبت من بلد مكارم أهلها
فيها السحاب صخورها لا تورق
ثم سرت إلى الرياض ، وأنا من الهم خالي الوفاض ، فلاحت لنا الأعلام النجدية ، والأماني الوردية ، ووصلنا أرض التوحيد ، وبلاد التجديد ، فوجدنا العلماء ، والكرماء ، والحلماء .
لو كان يقعد فوق الشمس من كرم
قوم بآبائهم أو مجدهم قعدوا
محسدون على ما كان من نعم
لا ينزع الله منهم ماله حسدوا
ثم حملنا الشوق إلى طيبة ، وهي أمنيتنا في الحضور والغيبة ، وهي أرض الجلال والهيبة ، فيا قلب والله لا ألومك في هواك ، ولا أردك عن مناك ، لأن أحب الناس يرقد هناك . أليس في هذه الروابي مشى محمد ، وصلى وتعبد ، وقام وتهجد .
بنفسي تلك الأرض ما أحسن الربا
وما أحسن المصطاف والمتربعا
كتبنا عليها بالدموع صحائفا
Bogga 75