============================================================
لا يدرك بالقياس والاستشهاد. علم أن تلك الفضيلة من جهة علمه المختص به من خالقه حق صار ما حلله حلالا، وما حدمه حراما، وما استطابه طيبا، وما استخبثه خبيثا.
فلما كان من فضيلة العلم [212] ما رسمناه، كان خليقا أن لا يتحافى عن طلبه الاستكثار منه ليبلغ إلى حد ثيان فيه الحيوان مبائنة أصلية، لا تتحلق شيء1 من أخلاقهم شحا، وشرها، وخبثا، ومكرا، وحقدا، وغصبا، وانتقاما، وجهلا، وطيشا، وقلقا، وتبصبصا، وتهتكا، وتفسيقا، بل ينزوي عن أخلاقهم غاية الانزواء، ويتزود مما من أجله خلق، وله أنشئ، لينتقل إلى معاده أبدية أزلية. فقد صح أن فضيلة البشر على الحيوان بالعلم، لا بالصورة فقط فاعرفه.
وأيضا فلو كانت فضيلة البشر على سائر الحيوان بالصورة دون العلم، كان لسائل أن يسأل، فيقول: ما ثغي بالصورة، أمخالفة الحسن والجمال، أو مخالفة الهيئة؟ فإن كنت تعي به مخالفة الهيئة، فإن الإنسان خالف الحيوان بالهيئة حي نال به الفضل والشرف. فإن سائر الحيوان أيضا قد خالفوه. فيحب أيضا أن يعطيهم الفضل والشرف عليه. وإن كنت عي به الحسن والجمال، فإن كثيرا من الحيوان من هو في الحسن والجمال يفوق على كثير من الناس. وفي كملاا الوجهين يوجب أن يكون فضيلة البشر على الحيوان بالعلم دون الصورة. فاعرفه.
ولما لم يجب أن يكون لذوي الفضل والشرف بالعلم والحكمة صورة تخالف صورة أدنى العلم والحكمة. ثم أضاف الفضل بما نال منه، أعني من العلم، كان قول القائل: إن وجود2 الفضل للانسان بالصورة دون العلم قول مخالف لفص الحقة، إذ قد ينال الفضل، و[213] الصورة قائمة على حالتها. فاعرفه.
وقد تبلغ قيمة كلب وصقر وبازي بما يقبل من تعليم البشر آداب الصيد المبلغ 1ز: لا تخلو بشيء.
2 كما صححناه. في هنكلي، في ز: كلتا.
4 ز: وجوب.
، ز: تعمل.
261
Bogga 261