227

============================================================

وتمكنها في غير المستحق من الجهال معدوم، أعني إن كانت النبوءة غير ممكن لها من قبل الوجود إلا فيمن استحقها، وهو في نفس أعلم الخلق في زمانه وأحكمهم. فاعرفه.

ولو كانت النبوءة قبولها بالسمع، كما توهم بعض الناس، لكان واحبا أن يتقدم السامع في العلم بالألفاظ، وما يتداخلها من أبنية الكلام، ووجوه الأقاويل، وضروب القضايا، وما يتضمن [180] فيها من المعاني التي تؤذي إلى الخصوص والعموم، وما يحصره الأمثال، ويدل عليه1 الأشكال. فكيف، والنبوءة قد جلت عن أن تتلطخ بالأسماع من أصوات الأوضاع؟ بل هي خطرات تتحلى في قلوب من فاق أهل عصره من العلم والحكمة ليمكنه بالصبر على تحصيلها في قلبه، والإحاطة ها بخالص لبه، العبارة عنه لأمته المرسل إليهم.

إن2 المسموعات إذا وردت على السمع بما لم يتقدم للسامع ها علم، ولا تأكدت في نفسه لها معرفة، تاه عقله فيه وحار. وتألم سمعه مما يرد عليه، ولا يلتذ به، وامتنع عليه أداؤه إلى غيره. وكذلك القلب إذا لمعت فيه الخطرات بما ليس له رياضة بعبارة أمثاله، وكياسة بشرح أشكاله، عسر عليه ضبطه، وشق عليه حفظه. فمنعه عن الأداء والابلاغ إلى من أرسل إليهم. والله، تعالى ذكره، أعلم وأحكم من أن يفيض النبوعة على قلب لم يمارس العلوم، ولم يناوش3 الحكمة. فيدهشه ويحيره، بل من وعد الله تعالى أن يعلم رسله ما لم يكونوا يعلمونه من الخفيات ومفاتيح الغيب، ليكونوا بمعرفته و الإحاطة به قاهرين لمن أرسلوا إليهم. فقال تعالى:4 (علم الغيب فلا يظهر على يه أحدا إلا من ارتضى من رسول).* وقال: (وعلمك ما لم تكن تعلم)،2 1 و: على.

4 كما صناه، وفي النسختين: اذا.

كما صححناه. ه: يتاوش. ز: يناوس.

، ز: حل جلاله.

ه سورة الجن 72: 27-26.

سورة النساء 4: 113.

Bogga 227