============================================================
الن الثالث: في الايستدلال بالشاهد على الغائب 233 قيل له: فكذلك نقول: إن الله تبارك وتعالى وإن كان أعطى الكافر الآلة والقدرة اللتين كفر بهما وعلم، فهو جل ذكره أنه يكفر بهما، فلم يعطه ذلك الكفر، إنما أعطاه ليؤمن، وليس تحمله الآلة والقدرة على الكفر ولا يدخلانه فيه، ولو شاء لآمن هذا ولم يكفز.
وأما الفعل لا لاجتلاب منفعة ولا دفع مضرق، فإنا وإن كنا قد وجدنا كل حكيم في الشاهد لا يفعل إلا لأحدهما، فإنه لم يكن حليما لأنه اجتلب المنفعة إلى نفسه ودفع المضرة عنها، ألا ترى أنه قد يجتلب المنفعة إلى نفسه ويدفع المضرة عنها من لا يكون حكيما في ذلك، كالمتفشي والسارق والكافر الذي قصد بكفره اجتلاب منفعة به إلى نفسه ودفع مضرة عنها، فلم يكن حكيما من أجل أنه اجتلب المنفعة إلى نفسه ودفع المضرة عنها، وإذا لم يكن الحكيم منا إنما كان حكيما لذلك، جاز أن يوجد حكيم في فعله وإن لم يكن اجتلب إلى نفسه منفعة ولا دفع به عنها مضرة؛ لأن اجتلاب المنفعة إلى النفس ودفع المضرة ليسا من علامة الحكمة لما بينا، ولا من أجلهما وجب فلم يكن سقوطهما وعدمهما يوجب الخروج من الحكمة.
كما أنا ولم نشاهذ فاعلا إلا جسما فليس لأنه كان جسما كان فاعلا، وإذا لم يكن إنما كان فاعلا لأنه جسم، جاز أن يقوم الدليل على وجود فاعل ليس بسم قالوا: فإن رجع هؤلاء القوم أو بعضهم عن علتهم في إجازة تكليف ما لا يطاق ومنع ما به يوصل إلى الأمر وأراد جاز الأصلح، وقالوا: إنما جاز ذلك لأنه قد يكون في الشاهد منا، ولأنا قد وجدنا في الحاضر أصلا له، فوجدنا الرجل قد يكلف عبده القيام وهو قاعد، وهو يعلم أنه ليس بمستطيع
Bogga 233