226

============================================================

قالات اليين وهذا الكلام الذي حكيناه عن أبي الهذيل كلام عظيم الخطر كثير النفع، لولا أن السنة قد جرث في كلام الله عز وجل، وهو الكلام لا يشبهه كلام (143) والذي به اهتدى المؤمنون/ ووصلوا إلى الثواب الذي لا يبيد أن يكتب بالحبر وما أشبهه، وأن الكلام ليس شرفه ما يكتب به أو فيه، لكان حقه أن يكتب بماء الذهب أو يتفرق نفيس الجوهر. والذي يكثز دورانه بين الخصوم وهو إجراء العلة في المعلول ومن قبله يستدل على أكثر غلط المبطل، وإذ كان البابان الآخران قد يدلان أيضا، فينبغي أن يكون من المناظر على بال.

الا ترى أن المشبهة إذا قالوا: إن كل فاعل غاب أو حضر جسم، لأنهم لم يشاهدوا فاعلا إلا جسما؟ قيل لهم: أتجرون عليكم هذه فتزعمون أن كل شيء غاب أو حضر محدث لأنكم لم تشاهدوا شيئا إلا محدثا، وأن كل جسم غاب أو حضر مؤلف أو محتمل لأن يؤلف بغيره لأنكم لم تشاهدوا جسما إلا كذلك، وأن كل آمر ناه حكيم، مميز ناطق حكيم إنسان، لأنهم لم يشاهدوا شيئا على هذه الصفة إلا وهو إنسان. فإن قالوا: نعم، أجروا عليهم وكفروا بربهم على أصلهم وبان باطلهم، وإن قالوا: لا، نقضوا علتهم.

وقيل لهم: إما أن تأتوا بعلة أخرى تصخ على الامتحان وتجري في معلولاتها أو تقروا بطلان دعواكم.

و كذلك يقال لمن زعم أن الله يكلف عباده ما لا يطيقون، وأنه يدخر الأصلح لعباده فلا يعطيهم وهو يمنغهم ما به يصلون إلى طاعته؛ لأن الخلق خلقه والأمر أمره، ولأنه لا ينحط بالفعل ولا يرتفع به، بل هو جواد حكيم في نفسه، أو لأنه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. وإن كان جميع ذلك فيما بيننا

Bogga 226