225

============================================================

الفن الثالث: في الاستدلال بالشاهد على الغائب قال: فأما ترك إجراء العلة في المعلول، فهو أن يقول الرجل: فرسي جواد، فيقال: ولم أوجبت ذلك؟ فيقول: لأني أجريته عشرة فراسخ فاستمر، فيقال له: كل فرس أجري عشرة فراسخ فاستمر فهو جواد، فإن قال: نعم، أجري عليه، وإن قال: لا، فقد نقضث علتك، وأنت تحتاج إلى إثبات دعواك إلى حجة أخرى، وإلا فهي باطل.

وأما نقض الجملة بالتفسير، فكقول القائل : إذا اشتد حر صيفة اشتذ برد الشتوة التي تليها، وإذا اشتد البرد في الشتوة اشتد الحر في الصيف التي تليها، ثم يقول بعد هذا: قد يشتدان جميعا وقد يفتران، فيكون قد نقض بهذا التفسير الجملة التي تقدمث، لأن الجملة لو صحث لوجب: إذا اشتد حر صيفة أن يشتد برد الشتوة التي تليها، ثم إذا اشتذ برد هذه الشتوة وجب أن يشتد حر الصيفة التي تليها، ثم هكذا أبدا، فلا يوجد فتور في برد شتوة ولا حر صيفة، متى جاز وجود فتور حر صيفة تعقب شتوة شديدة البرد، فتور(1) برد في شتوة تعقب صيفة شديدة الحر، أينقض حكم الأول؟

قال: وأما حجة الاضطرار، فهو كسؤالنا للثنوية عن شيخ رأيناه قاعدا على هيئة وخضاب في مكان، أيقولون: إنه لم يزل على هيئته وخضابه في مكانه، فإن قالوا: لا، بل قد كان على غير ذلك ثم صار(2) إليه، أقروا بالحدث، وإن قالوا: نعم، جحدوا الاضطرار. وهذا الكلام يحتاج خاصة إلى تفريع ليس هذا موضعه، على أنه معلوم أن من جحد الاضطرار على أي وجه من جحده، فقد انقطع وبان فساد ما أحوجه إلى جحد ذلك.

(1) في الأصل: أفتور.

(2) في الأصل: صاروا.

Bogga 225