============================================================
القن الثالث: في الاستدلال بالشاهد على الغائب 123 والفعل بفاعل والفعل المتقن المحكم يتعلق بأن الفاعل له عالم حكيم، ووقوع الفعل من الفاعل يتعلق بأن الفاعل له قادر، ولا بد من تعلق، ولكنه ما ذكرناه دون التشابه؛ إذ وجب بما قدفنا أن التشابة ليس يجب بعدمه عنده الاستدلال، ولا يجب بوجوده، ولو كان التشابه هو المعتبر لوجب ألا يدل شيء إلا على ما هو مثله ويشبهه في كل الوجوه، فلما سقط التشابه في بعض الوجوه بل في الوجه الذي منه وقع الاستدلال جاز أن يسقط في كل الوجوه.
قالوا: فإن قصد مشغت إلى أن يقول: إذا لم تكونوا شاهدثم حدثا إلا شيئا، ولا شيئا إلاحدثا، ثم أجزتم وجود شيء ليس بحدث، فأجيزوا وجود حدث ليس بشيء؛ لم يكن هذا طعنا ولا مما يعترض به أهل المعرفة من المخالفين، ولكنا نجيب عنه على حال فنقول: إنه قد صح بما قدمنا أن معنى شيء ليس معنى حدث، وأن الحدث لم يكن حدثا؛ لأنه شيء، ولا الشيء كان شيئ لأنه حدث، وإذا ثبت مثبث شيئا ليس بحدث لم يكن ناقضا ولا يثبث ما بقي؛ لأنه قد يثبت الشيء في الشاهد شيئا وإن لم يثبته حدثا، وليس يتهيا أن يثبته حدثا إلا من يثبته شيئا، وهو إذا أثبته شيئا ولم يثبته حدثا، فليس يكون نفيه عنه الحدث نافيا له.
وإذا قال قائل: إن حدثا ليس بشيء، كان قد نفى ما يثبت لأنه يقول: إنه حدث مثبث ويقوله ليس بشيء نافي لمايثبث، وهذا متناقض.
وبعد، فإن كان هذا لازما فهو يلزم كل خصومنا، لأنه يقال للفلاسفة: إذا زعمثم أنكم لم تشاهدوا حيا إلا وقد كان ميتا، أو مواتا ولا ميتا إلا وقد كان حيا، ثم أجزتم في الغائب حيا لا يجوز عليه الموث، فأجيزوا في الغائب من يجوز عليه الموث وليس بحي أو ميتا يموث لم يكن حيا.
Bogga 223